للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّحَايَا لا يتهيَّأُ لذلك، فانتهاؤها إلى هذا الحد كالبلوغِ في حق الآدَمِيّ، وحالها قبل ذلك حال الصغير من الإنسانِ.

وفي "الرقم" لِلْعَبَّادي حكايةُ وجْهٍ مخرَّج في أن الجذَعَةَ من المعزِ تجزئ؛ لما رُوِيَ عن عَقْبَة بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- قال: قَسَّمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ضَحَايَا فأعْطَانِي عَنَاقًا جذعًا فقلتُ: عَنَاقٌ، فقال: ضَحِّ (١) به، والمشهورُ الأول، وقد قدَّمنا في الزكاةِ أَنَّ في تَفْسِير الجذَعِ والجذَعَةِ من الغنم اختلافاً، في الظاهر وهو المذكورُ في الكتابِ أنه يُعتبرُ استكمالُ سنة والدخولُ في الثانية.

نَعَمْ. ذكر أَبُو الحَسَنِ العَبَّادِيّ: أنَّه لو أجذع قبل تمام السنة كان مُجْزِئًا كما لو تمَّت السنةُ قبل أن يجذعَ، ونُزِّلَ ذلك مَنزِلةَ البُلوغَ بالسِّنِّ أوْ الاِحْتِلام إن استوفى السِّنَّ، ولم يحتلم كان بلوغًا [وإن احتَلم قبل استيفاءِ السنِّ كان بلوغاً] (٢) وهذا ما أورده "صاحبُ التهذيب". فقال: الجذَعَةُ: هي التي استكملَتْ سَنَةٌ، وطَعَنَتْ في الثانية أو أَجْذَعَتْ سِنَّها من قَبْلُ -أي: أَسْقَطَتْ.

وقِيل: الجَذَعُ: ما أَتَى عليه ثمانيةُ أشْهُرٍ، وهذا ما اختاره الرُّوَيانِي في "الحِلْيَةِ".

وقِيلَ: ما استكملَتْ سِتَّةَ أَشْهُر ودخلت في السَّابع، وهذا ما أورده أَبُو إسحاق الشيرازي. والثَّنِيَّ من الإبِل: ما استكمل خَمْسَ سنِين ودخل في السادسة. وعن رواية حَرْمَلَةَ عن الشافَعِيْ -رضي الله عنه-: أنَّه الذي استكمل سِتًّا ودخل في السابعة.

قال الرّويَانِيّ في "البَحْر": وليس ذلك قولاً آخر، وإنْ توهَمَّه بعضُ أَصْحابنا، ولكنه إخبارٌ عن نهاية سِنِّ الشيء، وما ذكره الجمهورُ بيانُ ابتداءِ سِنّهُ.

والثَّنِيُّ من البقر: مَا استكملَ سَنَتَيْنِ ودخل في الثالثة. ويُقال: البقرُ في هذا السِّنِّ مُسِنٌ ومُسِنَّةٌ أيضاً. وعن رواية حَرْمَلَةَ: ما استكمل ثَلاثًا ودخل في الرابعة. وفي الثَّنِيّ من المعْزِ خِلاَفٌ مذكورٌ في الزكاة، والظاهِرُ: أنَّه كالثني من البقر، وهو الذي أورده في الكتاب، وقِيلَ: ما استكمل سنةً ودخل في الثانية.

ويجوزُ أن يُعْلَمَ -لما ذكرنا- قولُه في الكتاب: "إِلاَّ التي في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ" بالوَاوِ لوجه من اكتفى باستِيفَاءِ ثمانية أَشْهُر، وكذا قوله: "إِلاَّ التي في السنة الثانِيَةِ للوجه المكتفي باستيفاءِ السَّنَةِ". وأيضاً: فللتخريج في تَجْوِيز الجَذَعِ من المعْزِ، ولا يبعد أنْ


(١) البخاري [٢٣٠٠ و ٢٥٠٠ و ٥٥٤٧ و ٥٥٥، مسلم ١٩٦٥] بلفظ: قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه ضحايا، فصارت لعقبة جذعة، فقلت: يا رسول الله أصابني جذع فقال: ضح به أنت، وفي رواية: فبقي عتود، وللبيهقي: ولا رخصة لأحد فيه بعدك.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>