للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن عاد ناسياً لم تبطل، وعليه أن يقوم كما تذكر، وإن عاد جاهلاً بعدم الجواز؟ ففيه وجهان منقولان في "التهذيب" وغيره.

أحدهما: أنه لا يعذر وتبطل صلاته لتقصيره بترك التعلم.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: يعذر ولا تبطل صلاته كالناسي، لأنه مما يخفى على العوام، ولا يمكن تكليف كل واحد تعلمه، وعلى هذا يسجد للسهو لما زاد في صلاته سهواً، وكذلك في سورة النسيان، وهذا الذي ذكرناه في المنفرد والإمام في معناه، فلا يرجع بعدم الانتصاب إلى التشهد، ولا يجوز للمأموم أن يشتغل به، ولو فعل بطلت صلاته، نعم لو نوى مفارقته ليتشهد جاز، وكان مفارقاً بالعذر، ولو انتصب مع الإمام، ثم عاد الإمام لم يجز للمأموم أن يعود؛ بل يخرج عن متابعته، لأنه إما مخطئ بالعود فلا يوافقه في الخطأ، أو عامداً فصلاته باطلة، وهل يجوز أن ينتظره قائماً حملاً على أنه عاد ناسياً، حكى في "التهذيب" فيه وجهين، وقد سبق في التنحنح نظيره، ولو قعد الإمام للتشهد الأول، وقام المأموم ساهياً، أو نهضاً، ثم تذكر الإمام فعاد قبل الانتصاب، والمأموم قد انتصب: هل يعود المأموم في الصورتين؟ فيه وجهان:

أصحهما: نعم؛ لأن متابعة الإمام فرض بخلاف متابعة الإمام والمنفرد فإنهما لو رجعا لرجعا من فرض إلى سنة.

والثاني: أنه لا يعود، بل يصبر إلى أن يلحقه الإمام، لأنه حصل في ركن القيام، وليس فيما فعله إلا تقدم الإمام بركن، وأنه غير مبطل، وإن كان عمداً فلا حاجة إلى الرجوع، وقوله في الكتاب: (لأن القدوة في الجملة واجبة، وإن لم يكن المتقدم بهذا القدر مبطلاً) إشارة إلى توجيه الوجهين، وفي بعض النسخ: "لأن القدوة في الكملة واجبة".

الثاني: لا، لأن سبق الإمام بركن لا يبطل، وهما قريبان، ويجوز أن يعلم قوله: (وإن لم يكن المتقدم مبطلاً) بالواو؛ لأن في وجه المتقدم على الإمام يبطل الصلاة ولو بركن واحد، وقد أورده في الكتاب في الصلاة بالجماعة، والذي ذكره هاهنا مفرع على ظاهر المذهب، وصاحب "النهاية" قد صرح بذلك، ثم ذكر أن الخلاف في المسألة في جواز الرجوع وعدم الجواز، ولا خلاف في أنه لا يجب الرجوع، لأنه لو قام قصداً لم يقض ببطلان صلاته، ووافقه المصنف فقال: (جاز الرجوع على أحد (١) الوجهين) ففرض الخلاف في الجواز، لكن الشيخ أبا محمد (٢) ومن تابعه نقلوا الوجهين في أنه هل يجب الرجوع؟ وقالوا:


(١) في "ب" على أظهر.
(٢) في "ب" أبا حامد.

<<  <  ج: ص:  >  >>