للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرَّافِعِيُّ: المقصودُ الآن في صِفَاتِ الكمال في الأضْحيةِ وفيه مَسَائِلُ:

منها: [يُسْتحبُّ] (١) أن يختارَ للتضحيةِ الأَسْمنَ (٢) الأكْمَلَ حتى أن التضحِيةَ بشاةٍ سَمِينة أفضلُ من التضحية بشاتَيْن (٣) دُونَها؛ لأن لحمَ السَّمِينِ أطيبُ وفسر بعضُهم الشِّعَارَ في قوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} بِاسْتِسْمَانِ الهدْيِ وَاسْتِحْسَانِه.

وفي الخبر: "عَظِّمُوا ضَحَايَاكُمْ؛ فَإنَّهَا عَلَى الصِّرَاطِ مَطَايَاكُمْ" (٤).

قِيلَ معناه: أنها تهَيَّأُ مَرَاكِبَ.

وقِيل يسهل بالتضحية الجوازُ على الصراطِ.

وذكر الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه-: أنَّ في التضحيةِ استِكْثَارَ القِيمَةِ أَحَبُّ من استكثارِ العَدَدِ، وفي العِتْق استكثارُ العَددِ أَوْلَى؛ وسبُبه أن المقصودَ -هاهنا- اللحمَ، ولحمُ السَّمِين أكثرُ وأَطْيبُ. والمقصودُ في العِتْق التخلِيصُ من الرِّقِّ، وتخلِيصُ عَدَدٍ أَوْلَى، [من تَخْلِيص وَاحدٍ] (٥) وكثرَةَ اللحمِ في الأُضْحية خيرٌ من كثرة الشَّحْم، إلاَّ أن يكونَ لحمُها حسناً. ومنها: التضحيةُ بِسَبْعٍ من الغنم أفضلُ من التضحيةِ بَبَدَنَة أو بَقَرةٍ أو بالعَكْسِ أَفْضَلُ؟ فيه وجهان:

أَظهرُهما: وهو المذكورُ في الكتاب أَنَّ الأوّلَ أفضلُ؛ لأن لحمَ الغَنَمِ أطيبُ ولأن الدَّمَ المُرَاقَ أكثرُ والقُرْبةُ تزيد بحسبه.

والثَّانِي: أن العَكْسَ أَفْضَلُ؛ لأنَّ اللحْمَ أكثرُ.

وقد يؤدي التعارضُ في مِثْل هذا إلى التساوي، ولم يذكروه. والبدنةُ أَحبُّ من البقرة، والبقرةُ أحبُّ من الشاةِ والضأْنُ [مِنَ المعْزِ.

وقال مَالِكٌ: الأفضلُ الضأن] (٦) ثم البقرة ثم البدنةُ.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ الْبَدَنَةَ إِلاَّ أن يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنَ الضأْنِ" (٧). وقال -صلى الله عليه وسلم- في الجُمعَةِ: "مَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: الأسم.
(٣) في ر: بشاة.
(٤) تقدم.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.
(٧) أخرجه مسلم [١٩٦٣] وأبو داود [٢٧٩٧] والنسائي [٧/ ٢١٨] وابن ماجة [٣١٤١] من حديث جابر، وقالوا كلهم: لا تذبحوا إلا مسنة، وكأن المصنف ساقه بالمعنى، فقد قال النووي في شرح مسلم نقلاً عن العلماء: المسنة الثنية من كل شيء، من الإبل والبقر والغنم فما فوق ذلك، وقال المنذري: المسنة التي لها ثلاث ودخلت في الرابعة، وقيل التي دخلت في الثالثة. قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>