للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو تعيب الهدْيُ بعد بلوغ المَنْسَكِ فوجهان:

أَحدُهما: ويُحْكَى عن ابنِ الحدَّادِ: أنه يجزئُ ذَبْحُه؛ لأنه لما بلغ مواضِعَ الذَّبْحِ -صار كالحَاصِل في يَدِ المسَاكِين، [ويكون كمن دفع] (١) الزكاةَ إلى الإِمام فتلِفَتْ في يده، تُحْسَبُ مِنْ زكاتِه، ونسب الإمامُ هذا الوجهَ إلى القُّفالِ.

وأَصحُّهما: المنعُ -لأنه منْ ضمانِه حتى تُذْبَحَ.

وفي "التهذِيب": أنه إن تعَيَّب بعد بُلُوغِ المنْسَكِ والتمكن من الذبْح، فالأصْلُ في ذِمِته، وهل يتملَّكُ المعيَّن أو يلزمه ذَبْحُه؟ فيه الخلاَفُ، وإن تعيَّبَ قبل التمكُّنِ من الذبح فوجهان:

أَصحُّهما: أَنَّ الحُكْمَ كذلك.

والثاني: أنه يكْفِيه ذبحُ المعيب والتصدُّقُ به، ويقرب من الخلاف المذكور فيما إذا حدث العَيْبُ بعد بلوغ المنْسَكِ.

واختلف الأصْحابُ فيما إذا شَدَّ قوائِمَ الشَّاةِ؛ قاصِداً للتضحية بها، فاضْطَربَتْ؛ وانكسر رجْلُها، وهذا قد ذكرنَاهُ مِنْ قَبْلُ -ورَأى الإمامُ تَخْصِيصَه بما إذا عَيَّن عن نذْرٍ في الذمَّةِ، والقطع بعدم الإجزاءِ إذا فرض ذلك في الأُضْحية المتطوع بها (٢).

وعن أَبِي حَنِيفَة: أَنَّ العَيْبَ الحادِثَ لمعالجةِ الذبْحِ كما إذا أصابت [المُدْيَة] (٣) عَيْنَها فعوّرَها، لا يَمْنَعُ الإجزاءَ. وقولُه في الكتابِ: "فإن كان العَيْبُ مانِعاً من التَّضْحِية" ليس بحَسَن الموْقِع فإنَّ الفَصْلَ مِنْ أوَّله في هذا النوع من العَيْبِ.

فإما ما لا يمنع الإجزاءَ فلا أثرَ لحدُوثهِ، ثم المقصودُ من الصورة ما إذا كانتِ الشاة مُعيَّنةً عن واجب في الذمة، فهي التي يشتهر في انفِكَاكِهَا عن الضحيَّةِ الوجهان.

فأما المعُيَّنة للالتزام ابتداء فَلاَ انْفِكاكَ لها إلاَّ على ما روينا عن الأَسْتَرَابَاذِي، لكن الحملَ على البعِيدِ بَعِيدٌ.

المَسْألَةُ الثَّانِيَةُ: لو قال لمَعِيبَةٍ بعَورٍ ونحوه: جعلتُ هذه ضحيةً، أو نَذَرَ أن يُضَحِّيَ بها ابتداءً -وجب ذَبْحُها؛ لأنه التزمَه وهو (٤) كما إذا عتق مَعِيباً عن كفَّارَتِه [يَعْتِق ويُثابُ] (٥) عليه. وإن كان لا يُجْزِئُ عن الكفارَةِ ويكونُ ذبْحُها قُرْبةً، وتفرقُه لحمها


(١) في ز: فيكون كمرد.
(٢) قال النووي: قال صاحب "البحر": لو مات، أو سُرق بعد وصوله الحرم، أجزأه على الوجه الأول.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: وهي.
(٥) في ز: بعتق وبيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>