للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثُ: أنه لا يلزمُه شيءٌ؛ لأنه التزمَ مَا لا يجوِّزُه الشرعُ، ونظمُ الكتابِ يَقْتَضِي ترجيحَ الأَوَّلِ، ويُشْبِهُ أن يكونَ الحكمُ في لزوِم ذبْحِها، والتصدُّقِ بلحمها، وفي أَنَّها ليْسَت من الضَّحايَا وفي أن مَصْرِفَها هل هو مَصْرِفُ الضَّحايَا؟ على ما ذكرْنَا فِيما إذا قال: جعلتُ هذه المعِيبةَ ضحيةً، وإن التزم الضحيةَ بظَبْيةٍ أو بفصِيلٍ ففيه التَّرْتِيبُ الذي تقدَّم في المعِيبَةِ.

[ويشبه] (١) أن يَجِيءَ [الخلافُ] (٢) في قولِه: لله عَلَيَّ أن أُضحي بظَبْية وإن لم يذكرْ خلافٌ في قوله: جعلتُ هذه الظَّبْيةَ أُضْحيةً (٣).

قال الغَزَالِيُّ: وَالضَّلاَلُ كَالهَلاَكِ* وَلَكِنْ حَيْثُ وَجَبَ البَدَلُ وَوَجَدَ الضَّالَّةَ بَعْدَ تَضْحِيَةِ البَدَلِ فَفِي تضْحِيَةِ الضَّالَّةِ قَوْلاَنِ* وَلَوْ عيَّنَ وَاحِدَةً بَدَلَ الضَّالَّةِ ثُمَّ وَجَدَهَا قَبْلَ ذَبْحِ البَدَلِ وَجَبَ ذَبْحُهُمَا في قوْلٍ* وَتَعَيَّنَ الأوَّلُ فِي قَوْلٍ* وَتَعيَّنَ الثَّانِي في قَوْلٍ* وَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا ضَلَّ هدْيُهُ أو أضحيتهُ المتطَوَّعُ بها لم يلزمْهُ شَيْءٌ (٤).

والهدْيُ الملتزم بعينهِ ابتداءً إذا ضَلَّ بغيْرِ تَقْصِيرِ لم يلزمْهُ ضمانَه، فإن وجده ذَبَحَهُ والأُضْحية إِنْ وجدَها في وقْتِ التضحية -ذبحَها وإن وجدَها بعد مُضِيّ الوقْتِ- فله أنْ يذبحَها قضاءً ولا يلزمُه الصبرُ إلى قَابِلٍ، وإذا ذَبَحَهَا صرفَ لحْمَها إلى مَصَارِف الضحايا.

وعن ابْنِ أَبِي هُريْرَةَ وجهٌ ضَعِيفٌ: أنه يصرفُه إلى المساكِينِ خاصَّةً ولا يأكلُ ولا يدَّخِرُ؛ لأنها لما صارت قضاءً صارت حَقّاً للغير. وعند أَبِي حَنِيفةَ إذا وجدها بعد وقْتِ التضحية، لم يذبحْها، ولكن يتصدّقُ بها حَيَّةَ أو ينتظر العامَ القَابِلَ.

وعند مَالكٍ: أنها تعودُ إلى مِلْكِه ومهما كان الضَّلاَلُ بغير تقصيرهِ فلا يلزمُهُ الطلبُ إن كان فيه مَؤُنةٌ، وإن لم يكن لزمَهُ؛ لأنه مُؤْتَمنٌ في حُقُوقِ المستحقِّين، وإن كان الضلالُ بتقصِيره -فعليه الطَّلَبُ، فإن لم يجُدْ. فعليه الضمانُ، فإن عَلِم أنه لا يجدُها في أيَّام التشرِيقِ- فعليه ذَبْحُ بَدَلِها في أَيَّامِ التشريق وتأخُّرُ (٥) الذَّبْحِ إلى مُضِيِّ أيام التشرِيقِ بِلا عْذُرٍ -تَقْصِيرٌ.


(١) في ز: ويجوز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في أ: ضحية.
(٤) قال النووي: لكن يستحب ذبحها إذا وجدها، والتصدق بها. ممن نص عليه القاضي أبو حامد. فإن ذبحها بعد أيام التشريق، كانت شاة لحم يتصدق بها.
(٥) في ز: ثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>