للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: لو سجد في الركعة الأخيرة سجدة وتشهد على ظن أنه فرغ من السجدتين، ثم تذكر فلا شك في أنه يتدارك السجدة الثانية، ويعيد التشهد، وهل يسجد للسهو؟ قال في الكتاب: [لا يسجد] (١) بناء على شيئين:

أحدهما: أن الجلوس بين السجدتين ركن طويل، فلم يوجد منه زيادة قعود طويل.

والثاني: أن نقل الركن الذكري عن موضعه لا يقتضي السجود، فتكون قراءة التشهد هاهنا بمثابة ما لو أتى بذكرٍ آخر، ويحكى هذا عن ابن سريج، لكن كل واحد من هذين الأصلين مختلف فيه، والظاهر أن الجلسة بين السجدتين ركن قصير وأن نقل الركن الذكري عن موضعه يقتضي السجود على ما بيناه من قبل، فإذًا الظاهر في المسألة أنه يسجد للسهو، وبه قال الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ وَغَيْرُهُ، وذكر في "التهذيب" أنه المذهب، ولو كانت المسألة بحالها وطول لا بالتشهد فهاهنا لا نقل، لكن الظاهر أنه يسجد للسهو أيضاً تفريعاً على قولنا: إن الجلسة بين السجدتين ركن قصير.

واعرف من لفظ الكتاب [في المسألة] (٢) أموراً ثلاثة.

أحدهما: قوله: (لم يسجد لهذا السهو) ليس جواباً ينفي السجود [جزماً؛ لأنه ذكر الخلاف فيما جعله علة لنفي السجود حيث قال] (٣) (لأنه ركن طويل) ولم يوجد إلا نقل التشهد، وهو غير مبطل، يعني إذا كان عمداً على أحد الوجهين، والخلاف في العلة يوجب الخلاف في المعلول، فتبين بذلك أنا إذا قلنا: إن عمده مبطل يسجد للسَّهْو، فإذًا لا حاجة إلى إعلام قوله: (لم يسجد) بالواو؛ لأنه بمثابة قوله: "لم يسجد على أحد الوجهين".

الثاني: قوله: (أحد الوجهين) يجوز أن يرجع إلى النقل وحده، ويجوز أن يرجع إليه، وإلى قوله قبله: "ركن طويل" فإن الخلاف ثابت فيهما، فإن كان الأول فليعلم قوله: (ركن طويل) بالواو.

الثالث: لفظ الكتاب يشعر بأن الحكم بأن عمده غير مبطل مع قولنا: الجلسة ركن طويل يقتضي نفي السجود هاهنا، لكنه قد ذكر من قبل إنا وإن لم نجعل عمد النقل مبطلاً ففي السجود لسهوه وجهان، فإذًا القول بنفي السجود هاهنا بناء على الأصلين جواب على أنه إذ ما لم يبطل عمده لا يسجد لسهوه، فالأظهر أنه وإن لم يبطل عمده يسجد لسهوه كما تقدم.


(١) سقط في "ب".
(٢) سقط في "ب".
(٣) سقط في "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>