المسألة الثالثة: لو جلس عن قيام ولم يتشهد، ثم تذكر اشتغل بالسجدتين، وبما بعدهما على ما يقتضيه ترتيب صلاته، ثم إن طال جلوسه سجد للسهو لما سبق أن زيادة القعود الطويل عمداً مبطلة، وإن لم يطل بل كان في حد جلسة الاستراحة لا يسجد للسهو؛ لأن العمد منه في غير موضعه لا يبطل الصلاة بخلاف الركوع والسجود والقيام يبطل عمدها الصلاة وإن قصر زمانه، وذلك لأن الجلوس معهود في نفس الصلاة من غير أن يكون ركناً كجلوس التشهد الأول، وجلسة الاستراحة، وهي لا تقع في نفس الصلاة إلا أركاناً، فيكون تأثيرها في تغيير نظم الصلاة أشد، والمسألتان الأخيرتان لا اختصاص لهما بالركعة الأخيرة كما ذكرنا في المسألة الأولى، لكن هذا السهو حيث يكون بين يديه تشهد أقرب وقوعاً وإذا كان التشهد فرضاً يجب عليه إعادته بعد تبين الحال، فلذلك كانت مسائل الكتاب مصورة في الركعة الأخيرة.
قال الرافعي: إذا قام إلى الخامسة في صلاة رباعية، ثم تذكر قبل أن يسلم فعليه أن يعود إلى الجلوس ويسجد للسهو، سواء تذكر في قيام الخامِسة، أو ركوعها، أو سجودها، وإن تذكر بعد الجلوس فيها سجد للسَّهْوِ ويسلم.
وقال أبُو حَنِيفَةَ: إن تذكر قبل أن يسجد في الخامسة يعود إلى الجلوس، وإن تذكر بعد ما سجد فيها فإن لم يكن قعد في الرَّابِعَةِ بَطَلَ فرضُه وتحولت صَلاتُه نفلاً، وعليه أن يضم إليها ركعةً سادسةً، وإن كان قد قعد في الرابعة ضم إليها ركعة أخرى، وتكون أربُع رَكَعَاتٍ من صلاته فرضاً، وركعتان نَفْلاً.
لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "صَلَّى الظُّهْرَ خَمْساً. فقيل له أتزيد في الصلاة، قال: "وَمَا ذَاكَ" قالوا: صليت خَمْساً، فسجد سجدتين بعدما سَلَّمَ"(١).
والاستدلال أنه لا يخلو إما أن كان قد قعد في الرابعة، أو لم يقعد، فإن قعد فيها لم يضم إلى صلاته ركعة أخرى، وإن لم يقعد فيها لم يعد الصلاة.
وقوله في الكتاب:(جلس وسلم) بعد سجود السهو، وهل يتشهد بعدما تذكر الحال؟ نظر إن تذكر بعد الجلوس والتشهد في الخامسة فلا حاجة إلى إعادته بحال، وإن تذكر قبل الجلوس فيها فجلس، أو بعد الجلوس فيها، وقبل التشهد، فإن لم يكن