للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: نهى تحريم، ويُحْكى ذلك عن أبي إسحاق المَرْوَزيِّ، وبه قال القفَّال، ورجَّحه الإِمام وصاحبُ "التَهذيب" المصنف.

والثاني: نهى تنزيه، وهذا ما أورده أكثرهم؛ منْهم العراقيون والقاضي الروياني وغيرهم، وبه قال أبو حنيفة، ويُرْوَى عن مالكٍ مثلُه، ويُرْوَى، عنه أنه لا بأس بأكل لَحْمِهَا، وهذا يُشْعر بنفي التحريم والكراهة معاً، وعن أحمد روايتان كالوجهين، والأظهر عنه التحريم والجلاَّلة هي التي تأكل العَذَرة اليابسة والنجاسات، ويستوي (١) في الحكم الإِبل، والبقر، والغنم، والدَّجاج، وبم تَناط الكراهة أو التحريم؟ في "تتمة التتمة": أنه، إن كان أكثر علف الدابة النجاسات فهي جلاَّلة (٢)، وإن كان الأكثر


= رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل لحوم الجلالة، وألبانها، ولأبي داود: أن يركب عليها، أو تشرب ألبانها، وهو عندهم من رواية ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عنه، واختلف فيه على ابن أبي نجيح، فقيل عنه عن مجاهد مرسلاً. وقيل عن مجاهد عن ابن عباس، ورواه البيهقي من وجه آخر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، ولحديث ابن عباس طريق أخرى، رواها أصحاب السنن وأحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي، بلفظ، نهى عن كل المجثمة، وهي المصبورة للقتل وعن أكل الجلالة، وشرب ألبانها، وفي رواية: والشرب من في السقا، صححه ابن دقيق العيد، وروى الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة: النهي عن أن يشرب من في السقا، وعن المجثمة والجلالة، وهي التي تأكل العذرة إسناده قوي.
(١) في ز: ويسري.
(٢) والجلالة: هي التي تأكل العذرة، والنجاسات. وتكون من الإِبل، والبقر، والغنم، والدجاج. وقيل: إن كان أكثر أكلها النجاسة، فهي: جلالة، وقيل: إنه الاعتبار بالكثرة، وإنما الاعتبار بالرائحة والسنن، فإن وجد في عرفها أو غيره ريح النجاسة: فجلالة، وإلا فلا.
وإذا تغير لحم الجلالة فمكروه كراهة تنزيه على الأصح وإنما لم يحربم ذلك؛ لأنه ليس فيه أكثر من تفسير لحمها، وهذا لا يوجب التحريم؛ كما لو أنتن اللحم المذكَّى وتروح فإنه يكره على الصحيح.
ولأن ما تأكله الدابة من الطاهرات يتنجس إذا حصل في كرشها ولا يكون غذاؤها إلا بالنجاسة ولا يؤثر ذلك في إباحة لحمها ولبنها وبيضها.
وممن قال بذلك أيضاً: الحسن البصري، وأبو حنيفة، ومالك وأحمد، وداود.
ولا كراهة عند الحنفية في كل الدجاجة المخلاة التي تأكل العذرة؛ لأنها تخلط، أو لأنها لا تنتن كغيرها.
والأفضل أن تحبس ثلاثة أيام حتى تطيب.
واتفق الجميع على زوال الكراهة بحبسها، واختلفوا في قدرة.
فقيل: تحبس حتى تطيب.
وهو الصحيح عند الشافعية وبه قال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن وهو رواية عن أبي حنيفة. وروي عن أبي حنيفة أنها تحبس ثلاثة أيام وهي رواية عن أحمد. سواء كانت طائراً أم بهيمة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>