للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ثبت بالكتاب أو السنة؛ أنه كان محرماً في الشرع السابق أو شَهِد به اثنان أسْلَمَا منْهم، وهما من يعرفان (١) المبدل من غير المبدل، ولا يعتمد فيه قول أهلِ الكتاب، وإلى نحو هذا أشار بقوله في الكتاب "ووردت السنة بأنه كان حراماً في شرع من قبلنا" وموضع هذا القول ما إذا أشكل حال الحيوان، فلم يمكن أخذ حكمه في الاستطابة والاستخباث، ولا مما قبله من الأصول، ونحو هذا قَصَدَ بقوله في الكتاب "ووردت السنّة بأنه كان حراماً في شرع من قبلنا" ويبينه ما حُكِيَ عن "الحاوي": أن ما لم يكنْ في أرض العرب، إذا راجعناهم فيه، فاستطابة بعضُهم، واستخبثه آخرون، يُعْتبر حكمه عند أهل الكتاب، فإن اختلفوا اعْتُبِر حكمه في أقْرَب الشرائع إلى الإِسلام، وهي النصرانية، فإن اختلفوا فيه، عاد الوجهان في الحِلِّ والحُرمة عنْد تعذُّر الأخذ في الاستطابة والاستخباث وتعادل الأشباه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّامِنُ): الحَلاَلُ إِذا خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ فَهُوَ حَرَامٌ كَالدُّهْنِ وَكَالْجَلالَةِ الَّتِي تَأْكُلُ العَذِرَةَ فَهُوَ حَرَامٌ (م و) إِنْ ظَهَرَ النَّتَنُ فِي لَحْمِهِ، وَجِلْدُهَا نَجِسٌ إلاَّ أَنْ تَزْولَ الرَّائِحَةُ بِالدَّبْغِ، وَمَهْمَا زَالَ بِالعَلَفِ حَلَّ لَحْمُهُ، وَلَوْ زَالَ بالطَّبْخِ لَمْ يَحِلَّ، وَالزَّرْعَ لاَ يَحْرُمُ وَإِنْ كَثُرَ الزِّبْلُ فِي أَصْلِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصل مسألتان:

إحداهما: الأعيان النجسة لا يجوز أكلُها في حالة الاختيار، والطَّاهر إذا نَجُس بمخالطة النجاسة أو ملاقاتها، كذلك، وذلك كالدهن والسمن الذائب والدبس والخل، وقد ذكرنا في غسل الدُّهن ونحوه وجهاً في الطهارة، فعلى ذلك الوجْه إذا غسل يزول التحريم.

والثانية: عن ابن عُمَرَ -رضي الله عنهما- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنِ أكْلِ الجَلاَّلةِ، وعن شُرْب ألْبَانِها، حَتَّى تُحْبَسَ" (٢) وهذا نهي تحريم أو نهي كراهي وتنزيه؟ فيه وجهان:


= ينظر: البحر المحيط للزركشي ٦/ ٣٩، التمهيد للإسنوي ٤٤١، المنخول للغزالي ٢٣١، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ٣٦٩، الإِحكام في أصول إرشاد الفحول للشوكاني ٢٣٩، ينظر المنخول ٢٣١.
(١) في ز: يعرف.
(٢) رواه الحاكم والدارقطني [٤/ ٢٨٤] والبيهقي [٩/ ٣٢٦] يراجع من حديث ابن عمرو بن العاص نحوه، وقال: حتى تعلف أربعين ليلة، ورواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ: نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الجلالة، وعن ركوبها، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب: أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>