وذهب الظاهرية إلى جواز التداوي بها حرفاً كانت أو ممزوجة وهو مرجوح مذهب الشافعية. واستدل المانعون بالسنة والأثر والمعقول:. أما السنة فمنها ما يأتي: الأول: ما رواه مسلم عن طارق بن سويد أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ليس بدواء ولكنه داء. الثاني: ما رواه الإِمام أحمد بإسناده عن مخارق بن دثار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على أم سلمة رضي اله عنها وقد نبذت نبيذاً في جرة فخرج والنبيذ يهدر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما هذا؟ فقالت فلانة اشتكت بطنها فنقعت لها فدفعه برجله فيسره وقال إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء. الثالث: ما رواه أبو داود عن أبي الدرداء قال قال رسول الله "إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام" وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صنع الخمر بقصد التداوي وبين أنها ليست دواء ولكنها داء وقد كسر الوعاء الذي نبذت فيه أم سلمة النبيذ للمريضة التي اشتكت بطنها، وقد أرشدنا إلى التداوي من الأدواء، ونهانا عن التداوي بالحرام؛ لأن الله تعالى أكرم من أن يجعل شفاء بعض الأمراض قاصراً على مادة واحدة محرمة، بل جعل من الأدوية الحلال ما يغني عنها ويقوم مقامها في التأثير أو يزيد، وحقيقة النهي التحريم ولم يفصل النبي عليه الصلاة والسلام بين حال اضطرار وغيرها فدل ذلك على عموم تحريم التداوي بها. وأما الأثر فما روى البخاري عن ابن مسعود أنه قال في المسكر: إن الله لم يجعل شفاء كم فيما حرم عليكم. وجه الدلالة: أن ابن مسعود أخبر بأن الله تعالى لم يجعل شفاء عباده من بعض الأمراض موقوفاً على التداوي بالمحرم وفيه الخمر لأن هناك من الحلال ما يغني عنه أو يزيد. وأما المعقول فقالوا إنها محرمة العين فلم يبح التداوي بها كلحم الخنزير واستدل المجيزون بالكتاب والسنّة والمعقول. أما الكتاب فقولاً له تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} -وجه الدلالة: أن الله أباح جميع ما فصل تحريمه في حال الاضطرار ومنه الخمر، والمتداوي الذي يعلم أن الخمر تعينت دواء لمرض بأن فقد الطاهر والنجس الذي يقوم مقامها في التداوي اما بمعرفة نفسه =