للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأما بأخبار طبيب مسلم عدل عالم بذلك له مضطر إلى التداوي بها فتكون مباحة له إنقاذاً لنفسه من مخالب الأمراض الفتاكة.
وأما السنة فما استدل به المانعون منها، وقالوا في توجيهها: ليس في واحد منها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره جواباً لمضطر إلى التداوي بها، فتحمل على التداوي بها في غير حال الضرورة. جمعاً بين الأدلة.
وأما المعقول فقالوا إن المضطر إلى التداوي بها كالمغصوص المضطر إلى شربها فكما أبيحت للثاني تباح للأول. وقالوا أيضاً:
يباح التداوي بها للمضطر إليه كما يباح لأكل الميتة ونحوها ورد على المانعين في السنة أنه ليس في واحد منها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره جواباً لمضطر إلى العلاج بها فهي محمولة ابتداء على حال الاختيار فحسب، ولو سلمنا حملها على العموم لكانت مخصصة بنص الكتاب الذي أباح المحرم للاضطرار ومنه التداوي بالخمر.
وأجيب بأن الظاهر من الأحاديث حملها على العموم ولا قرينة تعين حملها على حال دون أخرى، ولا معارضة بين عموم الأحاديث وعموم الإِباحة المأخوذة من نص الكتاب في حال الاضطرار لأن الإباحة المستثناة عامة وأحاديث النهي عن التداوي بالخمر خاصة، فيعمل بعموم الإباحة المستفادة من الآية فيما عدا ما أخرجه الدليل الخاص من حرمة التداوي بها عملاً بالنصيّن.
هذا على فرض تحقق الضرورة إلى العلاج بالخمر، وقد ثبت طبياً أنه لا ضرورة إلى العلاج بها ألبتة فانه يوجد من الأدوية الطاهرة أو النجسة ما يغني عنها أو يزيد في تأثير العلاج. يقول الدكتور محمد جعفر في مذكرته تدبير الصحة "ليس في عالم الطب داء أو عارض يصح أن يعالج بالكحول إلا وهناك مواد أخرى كثيرة تؤديه دون أن تضر بالجسم فمثلاً قد يستعمل الكونياك أو الكحول كمنبه في حالات الهبوط، ولكن هناك من العقاقير ما يفضله في هذا الأثر كالقهوة والشاي وجوهرهما الفعال أفضل من الخمر، وكذلك "الأستركنين" والأدرينالين والكافور والأثير والنوشادر وغيرها. مما يعرفه كل طبيب".
وقال الدكتور "ملر" الأسكتلنديا "الخمر لا يشفي شيئاً".
وقال الدكتور"جون سون" الإنكليزي "إن الخمر ليس ضرورياً ألبتة ليستعمل دواء".
وقال الدكتور "كيلوج الأمريكي" في كتابه اليد الطبي "إن الناس يتعاطون الخمر لأمراض مختلفة فإذا كان ما يقولون حقاً فأضرار الخمر أشد تلك الأمراض فتكاً بالجسم فكيف بها إذا كانت لا تشفى منها شيئاً، فإن تجارب الأطباء أثبتت أنها لا تترك أثراً في النسيج، والأثر الحقيقي إنما يكون في النسيج".
وقال الدكتور "سمث الانكليزي": "إن الخمر يخسر بسببها الجسم جزءاً من الحرارة ويزيد ذلك الفقد كلما كان الإِنسان مريضاً، ومن العجيب أن سيدنا محمداً -صلى الله عليه وسلم- أثبت ضرر الخمر في الحديث الصحيح فقد جاء في صحيح مسلم مع شرح الإِمام النووي أن طارق بن سويد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال إنني أصنعها للدواء فقال الوسول -صلى الله عليه وسلم- إنه ليس بدواء ولكنه داء، أليس ذلك مقتضى العلم الحديث. وقال إن الخمر يسبب للجسم خسارة جزء من الحرارة وقد منعت الدولة الأمريكية الخمر نباتاً بناءً على أمر الأطباء وعلى الاستكشاف الحديث الذي أقنعهم بأن الخمر لا شفاء فيها وهذا الكشف معجزة إسلامية".

<<  <  ج: ص:  >  >>