وسواءٌ جوَّزنا إلحاق الزيادة أو لم نجوز، فإن حَطَّ الفضْلِ لا يُقابل المال.
ويختم الكتاب بمسائل منثورة من الباب، إذا كان أحد الرامِيَيْن يطول الكلام إذا أصاب السهم -والافتخار فيضجر صاحبه أو يعنف صاحبه، إذا أخطأ، مُنِعَ منه، وإذا كلَّم أحدهما إنسان، قِيلَ له: أجاب جواباً وسَطاً، ولاَ تُطَول، ولا تحبس القومُ، ولو كان يتعلَّل بعدما رمى صاحبُه بمسح القوس والوتَر، وأخْذ النبل بعْد النبل والنظر فيه، قيل له: آرْمِ لا مستعجلاً ولا متباطئًا؛ لأنه قد يتعلَّل لخطئه، وقد يصيب صاحبُه، فيؤخر لتردُّيده أو ينسى نهج الصواب، لو شرط أن يُحْسَب لأحدهما أصابة واحدةٌ إصابتَيْن، أو يحط من إصاباته شيْء أو على أنه، إن أخطأ، رُدَّ عليه سهم أو سهمان؛ ليعيد رميهما، لم يجز؛ لأن هذه المعاملة مبنيةٌ على التساوي، وكذا لو شرطا أن يكون في يد أحدهما من النبل أكثرُ مما في يدِ الآخر، وهذا شيء يعتاده الرماة، ويأخذون النبل بين أصابعهم، ومن أخذها أكثر، كان راميه أضعف، ولا يجوز أن يُحْسَب خاسقُ أحدِهما خاسقَيْن، لو كان المشروطُ الحوابِيَ، فشرط أن يُحْسَب خاسقٌ حابِيَيْن، جاز، نص عليه
في "الأم"؛ لأن الخاسق يختص بالإِصابة والثبوت، فجاز أن تجعل تلْك الزيادة قائمةً مقام حاربٍ، وقيل: فيهما جميعًا: قولان. ولو كانا يتناضلان، فرمَيَا بعض الأرشاق، ثم ملاَّ، فقال أحدهما للآخر: ارْمِ، فإن أصبتَ، فقد نضلتني، أو قال: ارْمِ، فإن أصبت هذه الوحدة، فقد نضلتك، لم يجز؛ لأن الناضِلَ من يساوي صاحبه في عدد الأرشاق، ويفضله في الإِصابة، ولا يتحقق ذلك في الإِصابة الواحدة.
لو تناضل أو تسابق اثنان، وأخرج السَّبَق أحدهما، فجاء أجنبيُّ، وقال: شاركني فيه، إن غنمت أخذتُ معك ما أخرجته، وإن غرمت، شاركتك في الغرم، لم يجزْ، وكذا لو أخرجاه وبينهما محلِّل، فقال أجنبي، لأحدهما: لأن الغُرم والغُنم في المسابقة مبنيان على الرمْي، وهذا الأجنبي لا يَرْمِي، إذا وقع عقد المناضلة والمسابقة في الصحَّة ودفع المال في مَرَض الموت، فهو من رأس المال، إن جعلناه إجارة وإن جعلْناه جعالَةً، فوجهان، ولو ابتدأ العقد في المرض، فيُحتمل أن يُحسب من الثلث، ويُحتمل أن يُبْنَى على اختلاف القولين، ذكره في "البحر"(١) وفيه: أنَّ الوليِّ ليس له أن يَصْرِف مال الصبيِّ إلى غرض المسابقة والمناضلة، ليتعلَّم، وأن السبَقَ الذي يلتزمانه يجوز أن
(١) قال النووي: الأصح أو الصواب القطع بأنه من رأس المال في الصورتين، سواء قلنا: إجارة أو جعالة؛ لأنه ليس بتبرع، ولا محاباة فيه، فإذا كان ما يصرفه في ملاذ شهواته من طعام وشراب ونكاح وغيره مما لا ضرورة له إليه، ولا ندبه الشرع إليه محسوبًا من رأس المال، فالمسابقة التي ندب الشرع إليها، ويحتاج إلى تعلمها أولى، لكن هذا فيما إذا سابق بعوض المثل في العادة، فإن زاد، فالزيادة تبرع من الثلث.