للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: الاقتصار على التخيير، ووجوبُ الكفَّارة، ونفْيُ القول الأول.

والرابع: الاقتصار على التخيير، ووجوب الوفاء، ونفي القول الثاني؛ وهو وجوب الكفارة، وهذا يوافق ما حكاه الصيدلانيُّ وغيرة عن القفَّال؛ وهو أنه كان يذكر قولَي الوفاء والتخيير، ولا يذكر قول وجوب الكفَّارة، ولكن رُوِيَ أن أبا الربيع لا يلاقي قال: سَمِعْتُ الحُلَيْمِيَّ -رحمه الله- يَقُوْلُ فِي نَذْرِ اللَّجَاج: يتعيَّن عليه كفَّارةُ اليمينِ، قلت: منصوصُ الشَّافعي -رضي الله عنه- هُوَ؟ قال: نعم، فلما رجعتُ إلى مرو حكيتُه للقَفَّال، فلم يصدِّقني، ثم إنه طالع الكتب تلْك الليلة، فلما جلس في الغدِ للدَّرْس قال: أسهرتْنِي البارحةَ، قد طالعت الكتب فالمسألة منصوصة، كما قال الحُلَيْمِيُّ فلعل ما يُنسب إلى القفَّال، كان قبل هذه الحكاية.

ويجوز أن يُعلَم لهذه الطرق قوله في الكتاب "علَى قول" أولاً وثانياً وثالثاً بالواو.

وعن أبي حنيفة ثلاثُ روايات كالأقوال، لكن الأشهر والمختار عند أصحابه قولُ وجوب الوفاءِ، فليعلَم الآخران بالحاء، وليعلَم الأولان بالألف: لما مرَّ.

التفريع: إن قلْنا بوجوب الكفَّارة، فلو وفَّى بما التزم، فهل تَسقط الكفَّارة؟ في "شرح مختصر الجُوَيْنِيِّ" -رحمه الله- ذكَرَ وجهين فيه، والظاهِرُ: المنعُ، فإن كان الملتَزَم من جنْس ما يتأذى به الكفارةُ، فالزيادة، على قدْر الكفَّارة تقع تطوُّعًا، وإنْ قلنا: يتخير، فلا فرق بين الحجِّ والعمرة وبين سائر العبادات، وخرج قول أنه يلزم الوفاء بهما، بخلاف سائر العباداتِ؛ لعظم أمرهما، كما يلزمان بالشرْع.

وإذا كان قد التزم على وجْه اللَّجَاجِ إعتاق عبد بعينه، فإن قلنا: عليه الوفاءُ بما التزم، أعتقه كيف كان، وإن قلْنا: عليه كفارةُ يمينٍ، فإن كانت بحيث تجزئ عن الكفَّارة، فله أن يعتق غيره، وأن يعتقه أو يُطْعِم أو يكْسُوَ، وإن كانت بحيث لا تجزئ، واختار الإعتاق، أعتق غيره وإن قلْنا: يتخير، فإن اختار الوفاء، أعتقه كيف كان، وإن اختار التكفير، اعتبر في إعتاقه صفاتُ الأجزاء، وإن كان قد التزم إعتاقَ عبيده، فإن أوجبنا الوفَاءَ أعتقهم، وإن أوجبْنا كفارةَ اليَمين، أعتق واحداً.

ولو قال: إن فعلتُ كذا، فعبدي حُرٌّ، نزل العتقُ إذا فعلَه بلا خلافٍ.

ولو قال: إن فعلتُ كذا، فعليَّ أو فلِلَّه عليَّ نذْرٌ، فالحكاية عن النص: أنه يلزمه كفارة يمين، وبهذا أجاب صاحبُ "التهذيب" وإبراهيمُ المروزي -رحمهم الله- واحتج له بما رُوِيَ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ" (١) وعن القاضي الحُسَيْن


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>