للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائز وسيأتي، ولو كان المأموم مسبوقاً وسها الإمام بعد ما لحقه وسجد في آخر صلاته فيجب على المسبوق أن يسجد معه رعاية للمتابعة، كما يوافقه في سائر الأفعال التي لا تحتسب له، ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ" (١).

وحكى الصَّيْدَلاَنِيُّ عن بعض أصحابنا أنه لا يسجد معه؛ لأن موضع سجود السَّهْوِ آخر الصلاة، والصَّحِيحُ المنصوص هو الأول، وعليه فرع في الكتاب قوله: (ولو سجد المسبوق مع الإمام فهل يعيد في آخر صلاة نفسه؟) فيه قولان:

أصحهما: نعم؛ لأن سهو الإمام اقتضى خللاً في صلاته فيحتاج إلى جبره بالسجود ومحل الجبر بالسجود آخر الصلاة وما أتى به كان لمتابعة الإمام.

والثاني: لا وهو اختيار المزني -رحمه الله-؛ لأنه إنما يسجد لمتابعة الإمام؛ وإلا فليس من جهته سهو وقد ارتفعت المتابعة بسلام الإمام، فهذا إذا ما سجد الإمام وسجد المسبوق معه، فإما إذا لم يسجد الإمام فلا شك في أن المسبوق لا يسجد في آخر صلاة الإمام إذ لا متابعة، وليس هو محل السجود بالإضافة إلى المسبوق، وهل يسجد في آخر صلاة نفسه؟ فيه الخلاف الذي قدمناه في المأموم الموافق هل يسجد إذا لم يسجد الإمام فليكن قوله: (سجد في آخر صلاة نفسه) معلماً بالحاء والألف والزاي أيضاً، وكل هذا في سهو الإمام بعد اقتدائه، فإما إذا سها قبل اقتداء المسبوق به فهل يلحقه حكمه؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، لأنه لم يكن بينهما رابطة الاقتداء (٢) حينئذ كما لو في تداركه بعد سلام الإمام لا يتحمله الإمام، فعلى هذا قال في "النهاية" إن لم يسجد الإمام فلا يسجد هو أصلاً، وإن سجد فالظَّاهِرُ أنه لا يسجد معه.

وقال بعضهم: يسجد متابعةً لكن لا يسجد في آخر صلاته.

والوجه الثاني -وهو الأظهر-: أنه يلحقه حكمه؛ لأنه دخل في صلاة ناقصة، فعلى هذا إن سجد الإمام سجد معه، وهل يعيد في آخر صلاة نفسه؟ (٣) فيه القولان، وإن لم يسجد الإمام سجد هو في آخر صلاته على النص، وإذا قلنا: إن المسبوق يعيد السجود في آخر صلاته فلو اقتدى بالمسبوق بعد ما أنفرد مسبوق آخر وبذلك المسبوق بعد ما انفرد مسبوق ثالث، فكل واحد منهم يسجد لمتابعة إمامه ثم يسجد في آخر


(١) قال في زياداته: ولو سها المأموم ثم سبق الإمام حدث، لم يسجد المأموم لأن الإمام حمله، وإن قام الإمام إلى الخامسة ساهياً، فنوى المأموم مفارقته بعد بلوغ الإمام في ارتفاعه حد الراكعين سجد المأموم للسهو وإن نواها قبله فلا سجود. الروضة (١/ ٤١٨).
(٢) سقط في ط.
(٣) في "ب" في آخر صلاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>