للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سها وإن لم يطلع على سهوه، بخلاف ما لو قام إلى ركعة خامسة لا يتابعه حملاً على أنه ترك ركناً من ركعة؛ لأنه وإن تحقق الحال ثم لم يكن له متابعته لإتمامه الصلاة يقيناً (١).

ولو لم يسجد إلا سجدة واحدة سجد المأموم أخرى حملاً على أنه نسي، وإن ترك الإمام السجود لسهوه وسلم، فهل يسجد المأموم؟ نص الشافعي -رضي الله عنه- على أنه يسجد؛ لأن صلاة المأموم كملت بسبب اقتداءه بالإمام، فإذا تطرق نقص إلى صلاة الإمام، تعدى إلى صلاة المأموم وخرج بعض أصحابنا على أصول الشافعي-رضي الله عنه-، منهم أبو حفص ابن الوكيل: أنه لا يسجد؛ بل يتابعه في السلام، كما لو ترك الإمام التشهد الأول، أو سجود التلاوة، لا ينفرد المأموم بهما وبهذا قال أبو حنيفة -رحمه الله-، وكذلك أحمد -رحمه الله- في إحدى الروايتين والمزني، وقد أشار في "المختصر" إلى تخريجه على أصل الشافعي -رضي الله عنه-؛ لأنه ينفرد به مذهباً، وظاهر المذهب هو الأول، وأجابوا عن التشهد الأول وسجدة التلاوة بأنهما يقعان في خلال الصلاة، فلو انفرد بهما لخالف الإمام، وهاهنا سجود السهو يقع بعد سَلاَمِ الإمام وخروجه من الصَّلاة.

قال في "النهاية": وعبر عن هذا الخلاف؛ بأن المقتدي يسجد لسهو الإمام أو لمتابعته، إن قلنا: لسهوه يسجد، وإن لم يسجد الإمام، وإن قلنا: لمتابعته فلا، ولو سلم الإمام ثم عاد إلى السجود نظر إن سلم المأموم معه ناسياً يوافقه في السجود، فلو لم يفعل هل تبطل صلاته؟ فيه وجهان مبنيان على أن من سلم ناسياً قبل السجود ثم عاد إلى السجود هل يعود إلى حكم صلاته أم لا؟ وسيأتي ذلك، وإن سلم المأموم عمداً مع ذكر السَّهْوِ فلا يلزمه متابعته، وإن لم يسلم المأموم وعاد الإمام ليسجد فإن عاد بعد أن سجد المأموم للسهو لم يتابعه؛ لأنه قطع صلاته عن صلاة الإمام بالسُّجُود، وإن عاد قبل أن يسجد المأموم فأصح الوجهين أنه لا يجوز أن يتابعه، بل يسجد منفرداً.

والثاني: أنه يلزمه متابعته، وتبطل صلاته لو لم يفعل، ولو سبق الإمام حدث بعد ما سها أتم المأموم صلاته، وسجد لذلك السهو، تفريغاً على ظاهر المذهب (٢) وإن كان الإمام حَنَفِيًّا فسلم قبل أن يسجد للسَّهْوِ لم يسلم معه المأموم بل يسجد قبل السلام ولا ينتظر سجود الإمام؛ لأنه فارقه بسلامه، وهذا تفريع على أن اقتداء الشافعي بالحنفي


(١) قال النووي ولو كان المأموم مسبوقاً بركعة أو شاكَّاً في ترك ركن كالفاتحة فقام الإمام إلى الخامسة لم يجر للمأموم متابعته فيها. الروضة (١/ ٤١٧).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>