أحدهما: وبه قال ابنُ القاصِّ: المنعُ؛ لأنه يتطرَّق به إلى ارتكاب محظور، وهذا أرجح عند صاحب "التهذيب".
والثاني: يجوز؟ لوجود أحد السببين، والتكفيرُ لا يتعلَّق به استباحةٌ ولا تحريمٌ، بل المحلوف عليه محظورٌ قبل اليمين وبعدها، وقبل التكفير وبعده، ولا أثر لهما فيه، وهذا أقيس وأظهر عند الشيخ أبي حامد والإِمام الرويانيِّ وغيرهم -رحمهم الله-.
ولو قال: أعتقتُ هذا العبد عن كفارة يميني, إذا حنثتُ عُتِقَ العبْدُ عن كفارة؛ إذا حَنِثَ بخلاف ما إذا قال: أعتقته عن الكفَّارة، أو إذا حلفت، لا يجزئه عن الكفارة؛ لأنه قَدَّم التعليق على اليمين، وفي الصورة السابقة، قدَّمه على الحِنْث، ولو قال: إذا حَنِثْتُ في يمين غداً، فهو حرٌّ عن كفارتي، فإن حَنِث غدًا، عتق عن الكفَّارة، وإلا، لم يُعْتَق؛ لأن المعلَّق عليه لم يوجد.
ولو قال: أعتقته عن كفارة يميني، إن حنِثْت، ثم بان أنه حَنِث، عُتِق عن الكفَّارة، وإلا، لم يُعْتَق، ولو قال: أعتقته عن كفارة يميني، وإن حلَفْت، وحنِثْت، فبان حالفاً، قال صاحب "التهذيب": وجب أَلاَّ يجوز؛ لأنه شاكٌّ في اليمين، وفي الصورة السابقة الشكُّ في الحنث، والتكفيرُ قبل الحنث جائزٌ، وعلى قياسه؛ لو قال: هو حرٌّ عن ظهاري، إن ظاهرت، فبان أنه ظاهر وجب ألا يجوز.
ولو أعتق عبداً عن الكفَّارة قبل الحنث، ثم ارتد العبد، أو مات قبل الحنث، لم يُجْزِه عن الكفارة، كما لو عجَّل الزكاة، فارتد المدفوع إليه، قبل تمام الحول، وتغيُّر الحال في التكْفير قبل الحنث كهو في تعجيل الزكاة، قال صاحب "التهذيب": ويحتمل أن يجري في ارتداد (١) العتيق وموته، كما لو ماتت الشاةُ المعجَّلة قبل الحول.
ويتعلَّق بالمسألة صوَرٌ:
أحدها: الظاهر، وهو المذكور في الكتاب: أنه يجوز تقديم كفَّارة القتل على الزهوق بعْد حصول الجَرْح، وتقديم جزاء الصيد على الزُّهوق بعد جرح الصيد وعن الشيخ أبي عليٍّ وغيره -رحمهم الله-: أن من الأصحاب مَنْ خرَّجه على الخلاف في تقديم الكفارة على الحِنْث المحظور؛ لأن سراية فعْله بمنزلة فِعْله، وهو محظور، قال الإِمام -رحمه الله-: وهذا لا اتجاه له؛ لأن الزهوق ليس بفعل مقدورٍ له، حتى يوصَفَ بالحظْر، وقياس ما ذكره الشيخ: أن يُقال: لو حلَفَ، لا يَقْتُلُ فلاناً، فجَرحَه، وكفَّر عن