للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمين قبل حصول الزهوق، ففي الأجزاء الوجهان، قال: وهو بعيدٌ، وإذا قلنا بجواز التقديم، فذلك في الإِعتاق، وأما الصوم، فلا يقدَّم على الظاهر، كما سبق، وجوز أبو حنيفة -رحمه الله- تقديمَ كفَّارةِ القتْل وجزاء الصيد على الزهوق بالصوم وغير الصوم، ولا يجوز تقديم كفَّارة القتْل على الجرح بحال، وعن أبي الطيب بن سلمة إثباتُ احتمالٍ فيه تنزيلاً للعصمْة وتحريم القتْل منزلةَ أحد السببين، وحَكَى القاضي ابن كج في جزاء الصيْد أيضًا وجْهاً: أنه يجوز تقديمه على جرح الصيد، ووجهاً آخر أنه إن كان يقتله مختاراً بلا ضرورة، لم يجز التقديم، وإن اضطره الصيد إليه، فيجوز.

الثانية: التكفير عن الظِّهَار بالمالِ بعْد الظهار وقَبْل العَوْدِ جائز؛ لأن الظهار أحد السَّبَبَيْنِ، والكفارة منسوبة إليه، كما أنها منسوبة إلى اليمين، ومنْهم مَنْ جعله على الخلاف فيما إذا كان الحِنْثُ محظوراً، قال في "التتمة": لأن وطئها بعد الظهار حرامٌ، فهو بالتكفير يستبيح محظوراً والمذهب الأول؛ لأن العَوْد ليس بحرام؛ حتى يُقالَ يتطرَّق بالتكفير إلى الحرام، بخلاف ما إذا كان الحِنْثُ مَحظوراً، ويصور التكفير قبل العوْد وبعْد الظهار فيما إذا ظاهر عن الرجعية، ثم كفر ثم راجعها، وفيما إذا ظاهر عن امرأته، ثم طلَّقها طلاقاً رجعياً، ثم كفَّر، ثم راجع أو طلاقاً بائناً، وكفر، ثم نكحها، وقيل: يعود الحنث، وفيما إذا ظاهر ظهاراً مؤقتاً، وقلْنا: إنه يصح مؤقتاً، وكفَّر (١) ثم صار عائداً بالوطء، وفيما إذا ظاهر وارتدَّت الزوجة عقيب الظهار، فكَفَّر، ثم عاد إلى الإِسلام، وصار عائداً، فأَمَّا، إذا ظاهر وأعتق على الاتصال عن ظهاره، فليس هذا تكَفيراً قبل العَوْد، وإنما هو تكفير مع العَوْد؛ لأنه بالاشتغال بالإِعتاق عائد، والحكمُ الإِجزاء أيْضاً.

الثالث: لا يجوز تقديمُ الكفارة في شهْر رمضان وفي الحج على الوقاع، ووجه ذلك بان الصوم ليس سبباً لوجوب الكفارة، ولا الإِحرام؛ لأنهما يحرمان الوقاع (٢) وما يحرم شيئاً لا يكون سبباً لما يحله بارتكاب ذلك المحرَّم، فالتكفير قبل الوقاع يكون تكفيراً قبل وجوب السبب، واليمينُ لا يحرِّم الحِنْثَ، وتحقيق الفرْق أن تلك الكفَّارة لا تُنْسَب إلى الصوم والإحرام، وهذه تنسب إلى اليمين، وفي، "النهاية" وجْهٌ في جواز التقديم غريبٌ، والظاهر الأول، وكذلك لا يجوز تقديم فدية الحَلْق والتطيب ولبس المَخِيط عليها، فإن وجد سببٌ يجوِّزها؛ بأن كان في رأسه أذىً، ويحتاج إلى التطيب؛ لمرض، أو إلى لُبْس المَخِيط لشدَّة البرد، ففي جواز التقديم وجهان، والظاهِرُ: الجواز.


(١) سقط من: أ.
(٢) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>