للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه للسيد، فإن إثبات الولاء للعَبْد متعذِّر؛ لتعلُّق الولاءِ والإِرث به، وقصور حال العبْد عنهما.

والثاني: أنه يوقَفُ، إن عُتق العبد المعتِق، تبين أن الولاء له، وإن مات رقيقاً، فهو للسيد، وذكر صاحبُ "التقريب" قولاً أن الولاء للعَبْد وإذا لم يبعد ثبوت الملك، لم يبعد ثبوت الولاء، فعلى هذا القَوْل، إذا أذْن السيد له في الإِعتاق عن الكفارة، وقع عنْها وثبَت له الولاء، وقد ذكرنا ذلك في "الكفارات" ويُرْوَى ذلكَ عن أحمدَ -رحمه الله- وإن جعلْنا الولاء للسيِّد، فلمن يقع العتق؟ قال الإِمام: ينقدح فيه وجهان من كلام الأصحاب -رحمهم الله-.

أظهرُهما: أنه يقع للسيد, وكأن المِلْك يَنقَلِب إليه، لانصراف الولاء إليه.

والثاني: أنه يقع عن العبد، ويجزئه عن الكفارة، والتعذُّر يختص بالولاء، وهذا قول حكاه الشيخ أبو محمد -رحمه الله-، وإن قلْنا بالتوقف في الولاء، فقد قيل: يجزئ الإعتاف عن الكفارة، وهذا ما أسندناه إلى القفَّال هناك، ورأى الصيدلانيُّ أن يوقَفَ الوقَوع عن الكفارة؛ تبعاً للولاء، وهذا ما ذكره القاضي الحسين، وقَطَع به، وإذا قلْنا في هذه التفاريع: إن العتْق يقع عن الكفارة، فلو أَذِنَ السيد لعبده في الإعتاق في كفارة مرتَّبة، فهل للعَبْدِ ألاَّ يكفر بالمال، ويصوم؟ قال الإِمام -رحمه الله-: فيه احتمال عندنا من جهة أنَّ ملكه ضعيفٌ، والعبد ليس مُوسِراً به؛ ولذلك كانت نفقته على زوجته نفقةَ المُعْسِرِين، وإن ملَّكه السيد مالاً جمًّا، ويجوز أن يُقَالَ: ليس له ذلك؛ لتمكنه من الإِعتاق.

ولو أعتق الكاتَبُ عن كفارته بإذن السيد، ونفذنا تصرفاته، إذا صدر عن إذن السيد، قال الصيدلانيُّ: الذي ذكره الأصحاب -رحمهم الله- أَنَّ ذمته تبرأ عن الكفارة، والذي عندي فيه: أن الأمر موقوف؛ لأنه قد يعْجز، فيَرِقُّ، وحينئذ، فيكون الولاء موقوفاً، وإذا كان الولاء موقوفاً، وجب وقف الكفَّارة، ولو كفَّر السيد عنه بالإِطعام، أو الكسوة، أو الإِعتاق بإذنه، فهو على الخلاف في أنه، هل يملك بالتمليك بتفريعه وإذا كَفَّر بالصوم، فيستقل به، ولا يحتاج إلى إذْن السيد، وفيه تفصيلٌ وخلافٌ مذكوران في "الكفَّارات" وحيث يحتاج إلى الإِذْن، فللسيد منع الجارية من الصوم، لئلا يَفُوتَه الاستمتاعُ، والكفَّارة على التراخِي، وكذا له منع العبد، إذا كان يَضْعُف عن الخدمة بالصوم أو يناله ضَرَرٌ، وإلا، فوجهان:

أحدهما: أن له المَنْعَ أيضاً؛ لأنه ينقص نشاطه.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه ليس له ذلك؛ لأنه لا يتضرر به، وذكر على هذا أنه لا يمنعه من صَوْمِ التطوُّعِ في مثل هذه الحالة، ولا من صلاة التطوُّع في

<<  <  ج: ص:  >  >>