للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحويطُ من الجوانب الأربعة، فإن كان من جانبٍ واحدٍ، لم يؤثر، وإن كان من جانبَيْن أو ثلاثةٍ، فقد ذُكِر فيه خلافٌ مرتَّب لما ذكر في "الوسيط": أن الحالف على ألاَّ يدخل، لا يَحْنث برقِّي السطح، قال: إلا أن يكون مسقفاً، وهذا لأنه، إذا كان مسقفاً، كان طبقة أخرَى من الدار، وهكذا يحْنَث، مهْما كان التسقيف في البعْض، إذا كان يصعد إليه من الدار، فإنه من أبنية الدار، ولو حلف على الخروج من الدار، فهل يَبَرُّ بصعود السطح؟ حَكَى أبو الحسن العباديُّ وغيره -رحمهم الله- فيه وجهين:

أحدُهُما: وهو المذكور في الكتاب، وبه قال الشيخ أبو محمد: -أنه لا يُبَرُّ؛ لأنه لا يعد خارجاً أيضاً، حتى يفارق السطْح، ويجوز ألاَّ يُعَدَّ داخلاً ولا خارجاً، كما أن مَنْ دخل ببعض بدنه أو أخرج ببعْضه، لا يحْنَث في يمين الدخول أو الخروج.

وأشبههما: ويُحْكَى عن القاضي الحُسَيْن: أنه يَبَرُّ؛ لأنه يَصْدُق أن يُقَال: إنَّه ليس في الدار، وإذا لم يكن في الدار، كان خارجاً من الدار، ويؤيده أن ابن الصبَّاغ حَكَى عن الأصحاب -رحمهم الله- أنه، لو حلف أنه لا يخرج من الدار، فصَعِد السطح، يَحْنَث، ولا يخفى أنه يُنْظَر في طرف الخروج أيضاً إلى كون السَّطْح محوطاً أو غَيْرَ مَحُوطٍ، والحالف على ألا يدخل، هل يحنث بدخول الطاق المعقودِ خارجَ البَابِ؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: وهو المذكور في الكتاب: المَنْعُ؛ لأنه لا يُقَالُ: إنه دخل الدار.

والثاني: يَحْنَثُ؛ لأنه من الدار؛ ألا ترى أنه يدخل في بيعها , ولو دخل في الدهليز خَلْف الباب أو بين البابين، حَنِث؛ لأنه من الدار، ومَنْ جاوز الباب، عُدَّ داخلاً، وحَكَى الفورانيُّ نصاً للشافعيِّ -رضي الله عنه- على أنَّ داخلَ الدهليزِ لا يحنث، وحملوه على الطاق خارج الباب، لكن أشار الإِمام إلى إثباته قولاً، وقال: لا يبعد أن يقال: دخل الدهليزَ، ولم يدخل الدارَ، فيجوز أَن يُعْلَم لذلك قوله في الكتاب "ويحنث بدخول الدهليز" ونزل صاحب "التتمة" الدرب المختصَّ بالدار أمام الباب، إذا كان داخلاً في حد الدار ولم يكن في أولها بابٌ منزلة الطَّاقِ، قال: فإن كان علَيْه بابٌ، فهو من الدار (١) مسقفاً كان أو لم يكُنْ.

الثاني: لو كان عند الحلف في الدار، فلم يخرج، لم يحنَثْ بالإِقامة؛ لأن ذلك لا يُسَمَّى دخولاً، وعن "الأم" قول آخرُ: إنه يحنَثُ؛ لأن استدامة الدخول في حكم الابتداء؛ ألا ترى أنه لو دخل دارًا مغصوبةً، ولم يَعْلَمْ بحالها، ثم علم، فلم يخرج أَثِمَ، وأنكر القاضي أبو الطيب في "المجرَّد"، أن يكون هذا قولاً للشافعيِّ -رضي الله عنه


(١) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>