للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال: إنَّه حكاه في "الأم" عن مذهب غيره، نعم، هو وجه للأصْحاب، ويُحْكَى ذلك عن أبي إسحاق، واختيار أبي الحسين بن القَطَّان -رحمهم الله- وكيف ما كان، فالصحيح الأوَّلُ، وهو منصوص حرملة، والمذكرر في الكتاب وكذا لو حلف، لا يخرج، وهو خارجٌ، لا يحنث بترك الدخولُ (١)، وإنما يحنث، إذا دَخَل، ثم خرج، ولو حَلف، لا يتزوَّج، وهو متزوِّج، أَوْ لاَ يتطهَّر، وهو متطهِّر، أو لا يَتوضَّأ، وهو متوضِّئ، فاستدام النكاحَ والطهارةَ والوضوءَ، لا يحنث، ولو حلَف، لا يلْبَس، وهو لابسٌ، فلم ينزع، أو لا يركَبُ، وهو راكبٌ، فلم ينْزِلْ، حَنِث بالاستدامة، والفرق أن استدامة اللبس والركوب تُسمى لُبْسًا وركوباً؛ ألا ترى أنه يصح أن يُقال: لَبسْتُ شهراً، وَرَكِبْتُ ليلةً، ولا يصح أن يُقال: دخلْتُ شهْراً، وتزوَّجتُ شهراً، وإنما يُقَالُ: سكنْتُ أو أقمتُ شهراً أو دخلْتُ منْذُ شهر، وأيضاً فإذا قِيلَ له: انْزَعِ الثوبَ، حَسُن أن يقول: حتى ألبسه ساعةً، وإذا قيل: أنزل الدابة، حسن أن يقول: حتى أركَبَ قدْر ما ركِبْتُ، وفي الدخول لا يصحُّ أن يقول: حتى أدخل ساعة، ولو حنِثَ باستدامة اللبس، ثم حَلَف أَلاَّ يلبس، فاستدام، لزمته كفارةٌ أخرَى؛ لأن اليمين الأوَّل، انحلت بالاستدامة الأولَى، وهذه يمين أخرَى، وقد حنِثَ فيها، واستدامة القيامِ والقعودِ قيامٌ وقعودٌ، وكذا استدامة استقبالِ القبلةِ واستدامةُ التطيُّبِ هل هو تطيُّبٌ؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: لا، وكذلكِ لو تطيَّب، ثم أحرم، واستدام، لم تلزم إلفدية وذُكِر وجهان أيضاً فيما لو حَلَف ألاَّ يطأ، وهو في خلال الوطء، فلم ينزع، أو ألاَّ يصوم، وهو شارع في الصوم، أو أَلاَّ يصلي، وهو في الصلاة، ويصوَّر ذلك فيما إذا حلَف ناسياً للصلاة، فإن اليمين ينعقد، قال في "التهذيب": لو حلف ألاَّ يغصب، لم يحنث باستدامة المغصوب في يده، ولو حلَف أَلاَّ يسافر، وهو في السفر، فوقف أو أخذ في العَود، في الحال، لم يَحْنَث، وإن سار على وجهه، حَنِثَ، وكان التصوير فيما إذا حَلَف على الامتناع عن ذلك السفَر، وإلا، فهو في العود مسافر أيضاً.


(١) قال الشيخ البلقيني في تصحيح المنهاج: الذي يتبادر إلى الفهم من عبارة النووي في منهاجه أنه إذا حلف لا يخرج من هذه الدار وهو خارج منها قبل تمام خروجه أنه لا يحنث بإتمام الخروج منها, وليىس كذلك فإنه يحنث هنا قطعا والذي في المحرر ولو حلف لا يدخل دارًا لدار هو فيها, لم يحنث بالإِقامة أو لا يخرج وهو خارج لم يحنث حتى يدخل ويخرج، فالمراد بقول المحرر وهو خارج أنه ليس في الدار ولا في دهليزها لعامل هو خارج عنها لا منها فلا يحنث حتى يدخل ويخرج أوضح لنا مقصوده وكان زوال الإِبهام وقع في الروضة والشرح.
ففي الروضة لو حلف لا يخرج وهو خارج لا يحنث بترك الدخول، وفي الشرح ولو حلف لا يخرج وهو خارج لا يحنث بترك الدخول وإنما يحنث إذا دخل ثم خرج، وإيضاح العبارة في ذلك ما قدمناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>