للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأقتلنَّ فلاناً، وهو يظنه حياً، فكان ميتاً ففي الكفارة خلافٌ؛ بناء على أن النسيان، هل يَدْفَع الحنث.

فروع: في "المجرَّد" للقاضي أبي الطيب: أن الأصحاب -رحمهم الله- قالوا: لو قال: واللهِ، لا آكُلُ خُبْزَ الكُوفة أو خُبْزَ بغدادَ، لا يحنث بأكل بعْضِهِ، إلا أن ينوي غير ذلك.

ولو قال: لأشربَنَّ ماء هذه الإِداوة، فانصبَّ قبل أن يشرب أو مات الحالفُ، نُظِر؛ إن كان بعد الإِمكان، حنث، وإن كان قبله، فعلى القولَيْن في أن المكْرَه، هل يَحْنَث ولو قال: لأشربَنَّ منه، فصبه في حوض، ثُم شرب منه من موضعٍ يُعلَمُ أنه وصَل إلَيْه بَرَّ، وإن حلف لا يشرب منْه، فصبه في حوض، ثُمَّ شرب منْه حَنِثَ، وكذا لو حَلَف , لا يشرب مِنْ لبِن هذه البقرة، فخلطه بلَبَنِ غيرها؛ بخلاف ما لو حَلَف؛ لا يأكل هذه التَّمْرة، فخلَطَها بُصْبَرَةٍ، لا يحنث، إلاَّ بأكْل جميع الصُّبْرَةِ، والفرق ظاهِرٌ.

ولو حلف؛ لا يَشْرَب ماءً فراتاً، أو من ماءٍ فراتٍ، فهو محمولٌ على المَاءِ العَذْبِ من أيِّ موضع كان ولو قال: مِنْ ماءِ الفراتِ، فهو محمولٌ على النهْرِ المَعْرُوفِ، ولو قال: لا أشرب ماء الفراتِ، أو لا أشرب مِنَ الفُرَاتِ، فسواء أخذ الماء بيَدِهِ، أو في إنَاءٍ فشَرِبَ أو كرع منه، يحنث.

وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: إذا قال: لا أشرب من الفُرَاتِ، لم يحْنَث، إلا بأن يَكْرَع فيه، ولو قال: لا أشرب مِنْ هذه الجَرَّة، وغيرها مما يُعْتَادُ الشُّرْب، فجعل الماء منه في كوز، وشربه، لا يحنث، ولو قال: لا أشربُ مِنْ ماءِ نهرِ كذا، فشَرِبَ من ساقِيَةٍ كأخذ الماء من ذلك النَّهْر، أو شرب من بئْرٍ محفُورٍ بقُرْب النهر، بحيث يعلم أن ماءَهَا منْهُ، يحنث.

ولو قال: لا أشْرَبُ من نَهْرِ كذا , ولم يذْكُرِ الماء، فشرب من ساقيةٍ، تأخذ المَاءَ منه، ففيه وجهان:

أشبهُّهما: أنَّه يحنَثُ، كَمَا لو أخَذَ في إناءٍ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ لاَ آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ لَمْ يَحْنَثْ إِلاَّ بِجَمْعِهِمَا، وَالوَاوُ العَاطِفَةُ تَجْعَلُ الْجَمِيعَ كَالشَّىْءِ الوَاحِدِ.

قَالَ الرَّافِعيُّ: الثانية: إذا قال: لا آكل هذَيْن الرغيفَيْن، أو لا ألبس هذَيْن الثوبَيْن، لم يحْنَثُ إلاَّ بأكلهما، أو لُبْسِهِما , ولا فرق بين أن يلبسهما معاً، أو يلبس أحدهما وينزعه، ثم يلبس الآخر، وكذا، لو قال: لأَكُلَنَّ هذَيْن الرغيفَيْن، أو لألبَسنَّ هذَيْن الثوبَيْن، لم يَبَرَّ إلاَّ بأكلهما ولُبْسِهِما.

<<  <  ج: ص:  >  >>