للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشبهُّهما: وهو الذي أورده صاحبُ الكتاب والرويانيُّ -رحمهما الله-: في الحال؛ لأن العجز متحقِّق في الحال، والانتظار إنما يحْسُن فيما يُتوقَّع حصُولُه، وفي المسألة وجهٌ آخرُ: أن اليمين لا ينعقد أصلاً؛ لأن البِرَّ فيه غير متصوَّر، ولو حلف ليصعدَنَّ السماء، ففي انعقاد يمينه وجهان:

أظهرهما: الانعقاد، وعلى هذا، فيحكم بالحِنْث في الحال أو قُبَيل الموت فيه الوجهان:

ولو قال: لأصعدن السماء غداً، وفرَّعْنا على انعقاد اليمين، فيحصل الحنْث، ويجب الكفارة في الحال أو بعد مجْيء الغَدِ؟ فيه الوجهان، فيشبه أن يرجح هاهنا الثاني؛ لأن اليمين معقودة على الصُّعود غداً وعَلى هذا فهل يحنث قبيل غروب الشمس من الغد أو قبيل ذلك؟ فيه خلاف سيأتي في نظيره.

ولو حلف لا يصعد السماء، ففي انعقاد يمينه وجهان:

أحدُهما: ينعقد، وإن لم يُتصوَّر الحنث، كما لو حَلَف، لقد فعل كذا أمس، وهو صادق.

وأصحُّهُما: على ما نقل في "التهذيب" المنْعُ؛ لأن الحنْثَ غير متصوَّر، بخلاف صورة الاستشهاد، فإن الحَلِفَ هناك يحتمل الكذب.

ولو قال: لأشربَنَّ ماء هذه الإِداوة، ولا ماء فيها، أو لأَقْتُلَنَّ فلاناً وهو ميت، ففي انعقاد اليمين وجهان:

أحدهما: لا ينعقد؛ لأن البرَّ فيه غير متصوَّر.

وأشبهُّهما: الانعقاد، كما لو قال: فعلتُ أمسِ كذا، وهو كاذبٌ، فإنه ينعقد يمينه، وإن لم يتصوَّر فيها البِرُّ، وقد يُفْرَق بين ما لا يتصور فيه الحِنْثُ، فيرجَّح عدم الانعقاد، وبين ما لا يتصوَّر فيه البر، فيرجَّح فيه الانعقاد؛ بان امتناع الحِنْث لا يُخِلُّ بتعظيم اسم الله تعالَى وامتناع البِرِّ يخِلُّ ويهتك الحرمة، فيخرج إلى التكفير، وعلى الوجه الثاني، ينطق قولُه في الكتاب "لَزِمَتْهُ الكفار" وعلى هذا، فيلزم في الحال أو قبيل الموت؟ فيه الوجهان:

الأشبه الأول: وهو المذكور في الكتاب، وأشار بعضُهم إلى تخصيص الخلافِ بما إذا قال: لأشربَنَّ ماء هذه الإِداوة، ولا ماء فيها، والقطعِ بوجوب الكفارة فيما إذا قال: لأقتلنَّ فلاناً، وهو يدري أنه ميِّتٌ، وفَرَقُوا بأنَّ شرب الماء، ولا ماء مُحَالٌ الذي نفسْه، فيلغو ذكْره، وفي قوله: لأقتلنَّ فلاناً، إحياؤُه مقدورٌ لله تعالَى ولو أُحْيِيَ، يُمكَّن من قتله، فليس المذكور محالاً في نفسه، وقد يُشْعِر بهذا سياق الكتاب، ولو قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>