للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا: ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "سَجَدَ فِي (ص) (١) وَقَالَ: سَجَدَهَا دَاودٌ تَوْبَةٌ وَسَجَدْتُهَا شُكْرًا" (٢).

أي: على النعمة التي أتاها الله تعالى داود وهي قبول توبته.

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه-: أنَّهُ كانَ لاَ يَسْجُدُ فِي (ص)، إذا ثبت هذا فلو سجد فيها خارج الصلاة فهو حسن (٣)، ولو سجد في الصلاة جاهلاً أو ناسياً لم يضر وإن كان عالماً فوجهان:

أحدهما: وبه قال ابن كج: لا تبطل طلاته؛ لأن سببه التلاوة.

وأصحهما: تبطل كسجود الشكر، ولو سجد إمامه في "ص" لأنه ممن يراها فلا يتابعه المأموم فيها بل يفارقه أو ينتظره قائماً، وإذا انتظره قائماً هل يسجد للسَّهْوِ؟ فيه وجهان (٤):

وأما الثاني: ففي الحج عندنا سجدتان خلافاً لهما في الثانية.

لنا: ما روي عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: "قُلْتُ يا رَسُولَ اللهِ فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتيْنِ قَالَ نَعَمْ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلاَ يَقْرَأْهُمَا" (٥)، وسار ابن سريج إلى إثبات سجدة "ص" والثانية في الحج معاً وجعل آيات السجود خمس عشرة.

لما روي عن عمرو بن العاص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أقَرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلاَثٌ فِي الْمُفَصِّلِ وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ" (٦) وعن أحمد روايتان.

إحداهما: مثل مذهب ابن سريج.

وأصحهما: مثل القول الجديد، وإذا وقفت على هذه الاختلافات علمت قوله:


(١) أخرجه النسائي (٢/ ١٥٩) والدارقطني في السنن (١/ ٤٠٧) والبيهقي (٢/ ٣١٨، ٣١٩).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٣١٩).
(٣) قال النووي: قال أصحابنا: يستحب أن يسجد في (ص) خارج الصلاة وهو مراد الرافعي بقوله: حسن. الروضة (١/ ٤٠١).
(٤) قال في زياداته: الأصح لا يسجد، لأن المأموم لا سجود لسهوه، ووجه السجود أنه يعتقد أن إمامه زاد في صلاته جاهلاً، وحكى صاحب "البحر" وجهاً أنه يتابع الإمام في سجود (ص).
(٥) أخرجه أحمد (٤/ ١٥١، ١٥٥)، وأبو داود (١٤٠٢) والترمذي (٥٧٨) والدارقطني (١/ ٤٠٨) والحاكم (١/ ٢٢٢)، وقال ابن الملقن في الخلاصة، ومال إلى تصحيحه ابن الجوزي، وضعفه الترمذي والبيهقي.
(٦) أخرجه أبو داود (١٤٠١) وابن ماجة (١٠٥٧) والحاكم (١/ ٢٢٣) وضعفه ابن القطان وابن الجوزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>