للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وهي مستحبة" بالحاء، وقوله في "أربع عشرة آية" بالواو للقول القديم ولمذهب ابن سريج، وقوله: "ولا سجدة في ص" بالميم والحاء والألف والواو، وقوله: "في الحج سجدتان" بالميم والحاء، ثم مواضع السجود من الآيات بينة لا خلاف فيها إلا في "حم" السجدة ففي موضع السجود فيها وجهان:

أحدهما: أنه عند قوله: {إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (١) ويروى هذا عن أبي حنيفة وأحمد.

وأصحهما: أنه عند قوله: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ}، لأن عنده يتم الكلام.

الثالثة: كما يسن السجود للقارئ يسن للمستمع إليه.

لما: روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- "قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فإِذَا مَرَّ بِسَجْدَةٍ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ".

ولا فرق بين أن يكون القارئ في الصلاة أو لا يكون كذلك، ذكره في "التهذيب" وبه قال أبو حنيفة، وحكى في "البيان" أنه لا يسجد المستمع بقراءة من في الصلاة وأقام هذه المسألة خلافية بيننا وبين أبي حنيفة والأول أظهر وأوفق لإطلاق لفظ الكتاب، وكذلك ظاهر اللفظ يشتمل قراءة الصبي والمحدث (٢) والكافر ويقتضي شرعية السجود للمستمع إلى قراءتهم وبه قال أبو حنيفة.

وقال في "البيان" لا اعتبار بقراءتهم خلافاً له، وأما الذي لا يستمع قصداً ولكنه سمع ما رأى فقد حكي عن "مختصر البويطي" أن الشافعي -رضي الله عنه- قال: لا أؤكد عليه كما أؤكد على المستمع وإن سجد فحسن.

وعند أبي حنيفة: لا فرق بينه وبين المستمع والقارئ، ونقل مثله عن بعض أصحابنا لكنه يقول باللزوم ونحن بالاستحباب.

ودليل الفرق ما روي عن عثمان -رضي الله عنه- "أَنَّهُ مَرَّ بِقَاص فَقرَأَ آيَةِ السَّجْدَةِ ليَسْجُدَ عُثْمَانُ -رضي الله عنه- مَعَهُ فَلَمْ يَسْجُدْ وَقَالَ: مَا اسْتَمَعْنَا لَهَا" (٣) وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "السَّجْدَةُ لِمَنْ جَلَسَ لَهَا" (٤).

وذكر في "النهاية" أن السامع لا يسجد؛ لأنه لم يقرأ ولا قصد الاستماع، فلو


(١) سورة البقرة، الآية ١٧٢.
(٢) لا لقراءة حبلى وسكران لأنها غير مشروعة لهما. قال الأسنوي: ولا لنائم وساه لعدم قصدهما التلاوة. قال الزركشي: وينبغي تقييده لقراءة ملك وجني لا لقراءة درَّة ونحوها لعدم القصد.
(٣) أخرجه البخاري بنحوه تعليقاً (٢/ ٥٥٧) وانظر تعليق التعليق (٢/ ٤١٢) وسنن البيهقي (٢/ ٣٢٤).
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>