من أهل التقرُّب، والحديث محمول على الاستحباب؛ وذلك؛ لأنه لا يحسن أن يترك بسبب الإِسلام ما عزم عليه في الكفر من خصال الخير، والمحجور عليه والمفلس يصح منهما نذر القرب البدنية، ولا يصح من السفيه نذر القرب المالية، وأما المفلس، فإن التزم في الذمة، ولم يعيَّن مالاً يصح، ويؤديه بعد البراءة من حقوق الغرماء، وإن عيَّن مالاً، فيُبنى على أنه لو أعتق أو وهب، هل يصح تصرفه؟ إن قلنا: لا، فكذلك النذر، وإن توقَّفنا، فيتوقف في النذر أيضاً، فإنه قاله في "التتمة" وذكر أيضاً: أنه لو نذر عتق العبد المرهون ينعقد النذر، إن قلنا: ينفذ عتقه في الحال أو عند أداء المال، وإن قلنا: يلغو، فهو كما لو نذر عتق عبد غير مملوك.
ويعلم قوله في الكتاب "واللفظ" بالواو؛ إشارةً إلى أن الشاة تصير هدْياً وأضحيةً على القديم، إمَّا بمجرَّد النية أو مع التقليد والاشعار، على ما ذكرنا في الضحايا, ولا حاجة إلى اللفظ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد بان في الباب الأول من "الأيمان" أن النذر ينقسم إلى نذر اللَّجَاجِ والغَضَبِ على ما صورناه، وإلى نَذْرِ التبرُّر، وهو نوعان:
أحدُهما: نذر المجازاة؛ وهو أن يلتزم قربة في مقابلة حدوث نعمة أو اندفاع بلية؛ كقوله: إن شفى الله مريضي، أو رزقني ولداً، فلله عليَّ أن أَعتق رقبةً أو أصومَ أو أصلِّيَ، فإذا حَصَلَ المعلَّق عليه، لزمه الوفاء بما التزم، لقوله -صلى الله عليه وسلم- "مَنْ نَذَرَ أَنْ يَطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ" وقد ذم الله تعالَى أقواماً عاهدوا، ثم لم يوفوا، فقال تعالَى:{وَمِنْهُمْ من عَاهَدَ اللهِ لَئِنْ آتانَا مِنْ فَضْلِهِ}[التوبة: ٧٥] الآية، ولو قال:"فَعَلَيّ ولم يقل: "فَلِلَّهِ عليَّ" فالحكم كذلك على ظاهر المذهب، والعبادات يؤتَى بها لله تعالَى، فالمطلق كالمذكور، وفيه وجه: أنه لا بدّ من التصريح بذكر الله تعالَى، وقد ذكرنا مثل هذا الخلاف في أن نذر اللَّجَاج، هل يثبت موجبه، إذا قال: "فعلي"، ولم يقل: "فلله عليَّ" وهو قريب من الخلاف في أنه، هل يجب في نية الصلاة، والصوم الإِضافة إلَى الله تعالَى.
والثاني: أن يلتزم ابتداءً غير معلّق على شيء، فيقول: لله عليَّ أن أصومَ أو