للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الافتتاح لا وجوباً ولا استحباباً؛ لأن سجود التلاوة ليس صلاة بانفراد حتى يكون له تحرم، والمستحب أن يقوم ويكبر وينوي قائماً ثم يهوي من قيام، وروي ذلك عن فعل الشيخ أبي محمد وعن القاضي الحسين وغيرهما (١).

ويستحب أن يقول في سجوده "سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ" لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يَقُولُ ذلِكَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ" (٢) ويستحب أيضاً أن يقول: "اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْراً وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْراً وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْراً وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ"؛ لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "قَالَ ذلِكَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ" (٣).

ولو قال ما يقوله في سجود صلاته جاز.

ثم يرفع رأسه مكبراً كما يرفع عن سجود صُلْب الصَّلاة، وهل يفتقر إلى السَّلام؟ فيه قولان:

أحدهما: لا، كما لو سجد في الصَّلاة.

وأظهرهما: نعم؛ لأنه يفتقر إلى الإحرام فيفتقر إلى التحلل كالصلاة، وعلى هذا هل يفتقر إلى التشهد؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنه سجود يفتقر إلى الإحرام والسلام فيفتقر إلى التشهد كسجود الصلاة.

وأصحهما: لا؛ لأن التشهد في مقابلة القيام، ولا قيام فيه بل القيام أولى بالرعاية بدليل صلاة الجنازة فكما لم يشترط ذلك فأولى أن لا يشترط التشهد، ومن الأصحاب من يجمع بين التشهد والسَّلام وبقول: فيهما ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لا حاجة إليهما، وهو ظاهر ما نقل عن البويطي.

وثانيها: أنه لا بد منهما.

وثالثها، -وهو الأظهر- أنه لا بد من السَّلاَم دون التشهد، وبهذا قال ابن سريج


(١) قد قاله أيضاً صاحب "التهذيب" و"التتمة" وأنكره إمام الحرمين وغيره، قال الإمام: ولم أر لهذا ذكراً، ولا أصلاً، وهذا الذي قاله الإمام هو الصواب فلم يذكر جمهور أصحابنا هذا القيام، ولا ثبت فيه شيء مما يحتج به فلا اختيار تركه.
(٢) أخرجه أبو داود (٤١٤) والترمذي (٥٨٠) والنسائي (٢/ ٢٢٢) والحاكم (١/ ٢٢٠) وقال صحيح على شرط الشيخين.
(٣) أخرجه الترمذي (٥٧٩) وابن ماجة (١٠٥٣) وذكره الهيثمي في الموارد (٦٩١) والحاكم (١/ ٢٠٢) وقال صحيح على شرط الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>