وأبو إسحاق، وإذا قلنا: إن التشهد ليس بشرط فهل يستحب؟ ذكر في "النهاية" أن للأصحاب خلافاً فيه هذا كيفية السجود خارج الصلاة، وأما في الصلاة فلا يكبر للافتتاح، ولكن يستحب له التكبير للهوي إلى السجود من غير رفع اليدين، وكذلك يكبر عند رفع الرأس كما يفعل في سجدات الصَّلاَة، وعن أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يكبر لا عند الهَوِيّ ولا عند رفع الرأس كيلا تشتبه هذه السجدة بسجدات الصلاة، ولا فرق في الذكر بين ما لو سجد في الصلاة أو خارجها، وإذا رفع الرأس يقوم منها ولا يجلس للاستراحة ويسن أن يقرأ شيئاً ثم يركع ولا بد من أن ينتصب ثم يرفع فإن الهَوِيّ من القيام واجب كما تقدم.
ولنعد إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب.
قوله:"والصحيح أن هذه سجدة فردة" يريد بالفردة أنها لا تفتقر إلى تحرم وتحلل، ولا يريد أنها واحدة لا كسجدتي السَّهْو لأنه قال:"والصحيح" ولا خلاف في أنها واحدة، وعن أحمد أنه يكبر لِلْهَوِيِّ والرفع ويسلم؛ فإن أراد به الاشتراط فليكن قوله:(فردة) معلماً بالألف.
وقوله:(وإن كانت تفتقر إلى سائر شرائط الصلاة) تشتمل على بيان مسألة مقصودة وهي أن شرائط الصلاة مرعِيَّة في سجدة التلاوة، وأشار بالإيراد الذي ذكره إلى أنها وإن كانت كالصَّلاة في اعتبار الشروط لكنها تفارقها في الحاجة إلى التحلل والتحرم على هذا الوجه، ثم الذي يوجد في معظم النسخ وإن كانت تفتقر إلى سائر شرائط الصلاة، وحذف لفظ (سائر) وكأنه حمله عليه اشتهار لفظ السائر في البعض الباقي من الشيء وشرائط الصلاة بأسرها معتبرة في سجدة التلاوة ولم يجز ذكر البعض حتى يضم الباقي إليه بلفظ السائر إلا أن إطلاق السائر بمعنى الجميع صحيح، قال صاحب "الصحاح": وسائر النَّاس جميعهم فإذا المعنى: وإن كانت تفتقر إلى جميع شرائط الصلاة ولا حاجة إلى الحذف.
واعلم أن النية عند صاحب الكتاب معدودة من شرائط الصلاة كما سبق، والتكبير وحده يقع عليه اسم التحريم، والتحريم قال -صلى الله عليه وسلم-: "وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ" وإذا كان كذلك فظاهر اللَّفْظِ يَقْتَضِي اشتراط النّية على الوجه الذي عبر عنه بالصحيح وإن لم يشترط التكبير لكنه في "الوسيط" أخرج النية عن الاعتبار في هذا الوجه وعلى هذا فالنية تكون مستثناة عن قوله: (وإن كانت تفتقر إلى سائر الشرائط)، ويكون التحرم مفسراً بالنية والتكبير معاً إذ بهما تشرع في الصلاة.
وأما قوله:"ويستحب قبلها تكبيرة ... " إلى آخره فهو تفريع على هذا الوجه الذي