للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول إنها سجدة فردة لا يشترط فيها التكبير ولا غيره، وقوله: (تكبيرة) يُوهِمُ قصر الاستحباب على تكبيرة واحدة، لكنا ذكرنا استحباب تكبيرتين وإن قلنا بعدم الاشتراط إحداهما للافتتاح والأخرى لِلْهَوِيِّ، وهكذا ذكر جمهور الأصحاب فلا يتوهم قصر الاستحباب على واحدة إذا كان يسجد خارج الصَّلاَة، واعلم عند هذا أنه لا يمكن حمل التكبيرة التي جرت في لفظ الكتاب على تكبيرة الافتتاح بخصوصها؛ لأنه لا تكبيرة للافتتاح إذا كان يسجد في الصَّلاَة، وهو قد جعلها شاملة حيث قال: "ودون الرفع إن كان في الصلاة" ولا يمكن حملها على تكبيرة الهَوِيّ بخصوصها؛ لأنه قد استحب الرفع معها، ولا يستحب رفع اليد مع تكبيرة الهَوِيِّ بحَالٍ، الوجه أن يحمل كلامه على تكبيرة مطلقة، ويقال بأن تكبيرة مستحبة في الصَّلاَة وغير الصلاة ثم في غير الصلاة الأهم تكبيرة الافتتاح، ويستحب معها رفع اليدين، وفي الصلاة لا يفرض إلا تكبيرة الهَوِيّ وليس معها رفع اليد، فهذا تنزيل لفظ الكتاب مع التكلف الذي فيه على ما ذكره الجمهور منهم أصحابنا العراقيون، والصيدلاني وصاحب "التهذيب"، والقاضي الروياني -رحمهم الله- وغيرهم، والمفهوم من كلامه هاهنا وفي "الوسيط" أنه ليس إلا تكبيرة واحدة، وهي للتحرم خارج الصلاة، ولِلْهَوِيِّ في الصلاة، وبه يشعر كلام إمام الحرمين -قدس الله روحه- وعلى هذا فليكن قوله: (ويستحب قبلها تكبيرة) معلماً بالواو للوجه الذي تقدم عن الترمذي، وفي "الوسيط" إشارة إليه.

وقوله: (مع رفع اليدين) معلم بالحاء، لأن عنده لا يرفع يديه.

واعلم قوله: (ودون الرفع إن كان في الصلاة) بالواو؛ لأنه قال في "الوسيط": ولا يستحب رفع اليدين في الصلاة.

وقال العراقيون: يستحب رفع اليدين؛ لأنه يكبر للتحرم، لكن هذا شيء بدع حكم وعلة ولا يكاد يوجد نقله لغيره، ولا ذكر له في كتبهم.

وقوله: "قيل يجب التحرم والتحلل ... " إلى رأس الفرع، هذه الوجوه هي المقابلة للصحيح المذكور أولاً كأنه قال: في أقل سجدة التلاوة أربعة أوجه:

أحدها: أن الأقل سجدة واجباتها في صلب الصلاة لا غير.

والثاني: سجدة مع التحرم والتحلل والتشهد.

والثالث: مع التحرم والتحلل لا غيره.

والرابع: مع التحرم لا غير وجعل أولها الأصح، وهو متأيد بما حكي عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال: وأقله سجدة بلا شروع ولا سلام، والظاهر عند الأكثرين اعتبار التحرم والتحلل كما سبق وهو الوجه الثالث، ثم الخلاف في السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>