للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولان عند أكثر الناقلين وفي التشهد [قولان] (١) فقوله: (قيل) في هذا الموضع محمول على القول تارة وعلى الوجه أخرى، وتعجب بعض الشَّارحين من لفظ الوجوب في هذه الوجوه، واستحسن إبداله بالاشتراط والاعتبار؛ لأن أصل السجدة لا تجب فكيف يقول: يجب فيها كذا وكذا، ولا شك أن المراد الاشتراط لكن لا حاجة إلى تغيير اللفظ؛ لأن الوجوب في مثل هذا الموضع معهود بمعنى أن الشيء لا بد منه، يقال الوضوء وستر العورة واجبان في صلاة النفل أي لا بد منهما.

قال الغزالي: فَرْعٌ: الأَصَّحُّ أَنَّ هذِهِ السَّجْدَةَ إِذَا فاتَتْ وَطَالَ الفَصْلُ لاَ تُقْضَى، لأِنَّهُ لاَ يُتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِسَجْدَةِ ابتِدَاءً كَصَلاَةِ الكُسُوفِ وَالاسْتِسْقَاء بِخِلاَفِ النَّوَافِلِ الرَّوَاتِبِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يُتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ بِهَا ابْتِدَاءً.

قال الرافعي: سجدة التلاوة ينبغي أن تقع عقيب قراءة الآية أو استماعها، فلو تأخر نظر إن لم يطل الفصل سجد، وإن طال فلا، وضبط الفرق بين أن يطول الفصل أو لا يطول يؤخذ مما ذكرناه في سجود السهو، ولم يجعل إمام الحرمين لمفارقة المجلس أثراً هاهنا مع التردد في تأثيره في باب سجود السهو كما حكيناه عنه ولا يتضح فرق بينهما.

إذا عرفت ذلك فلو فاتت السجدة لطول الفصل هل تقضى؟ ذكر في "النهاية": أن صاحب التقريب حكى فيه قولين وقربهما من الخلاف في أن نوافل الصلاة هل تقضى على ما سيأتي؟ لكن الأصح أن السجدة لا تقضى ولم يذكر الصيدلاني وآخرون سواه؛ لأن النوافل المقضية هي التي تتعلق بالأوقات، أما التي تتعلق بأسباب عارضة كصلاة الخسوف والاستسقاء فلا تقضى والسجود كذلك، ولو كان القارئ والمستمع محدثاً عند التلاوة فإن تطهر على القرب سجد وإلا فالقضاء على الخلاف، [وعن صاحب "التقريب": أنه لو كان يصلي فقرأ قارئ آية السجدة فإذا فرغ هل يقضي؟ فيه هذا الخلاف] (٢).

قال الإمام: وهذا فيه نظر؛ لأن قراءة غير إمامه في الصلاة لا تقضي سجوده وإذا لم يجر ما يقتضي السجود أداء فالقضاء بعيد، وقطع صاحب "المعتمد" وغيره بأنه لا يسجد كما ذكره إمام الحرمين، وجعلوا هذه المسألة خلافية بيننا وبين أبي حنيفة، وذكر في "التهذيب" أنه يحسن أن يقضي ولا يتأكد كما يجيب المؤذن إذا فرغ من الصلاة (٣) وكذا إذا


(١) في أوجهان وانظر الفرق بين القولين والوجهين.
(٢) سقط من "ب".
(٣) قال النووي: إذا قرأ السجدة في الصلاة قبل الفاتحة سجد، بخلاف ما لو قرأها في الركوع أو السجود فإنه لا يسجد، ولو قرأ السجدة فهوى ليسجد فشك، هل قرأ الفاتحة؟ فإنه يسجد للتلاوة ثم يعود إلى القيام فيقرأ الفاتحة ولو قرأ خارج الصلاة السجدة بالفارسية لا يسجد عندنا. وإذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>