للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأ الإمام ولم يسجد فإذا فرغ المأموم من الصلاة يحسن أن يقضي ولا يتأكد. والله أعلم.

وفي الفصل مسألة أخرى وهي: أنه لو خضع الرجل لله تعالى فتقرب إليه بسجدة ابتداء من غير سبب هل يجوز ذلك؟ فيه وجهان عن صاحب "التقريب": أنه يجوز ذلك، وعن الشيخ أبي محمد أنه لا يجوز، كما لا يجوز التقرب بركوع مفرد ونحوه، والعبادات يتبع فيها الورود، وهذا هو الصحيح عند إمام الحرمين والمصنف وغيرهما، وقوله في الكتاب: (إذا فاتت وطال الفصل) ليس على معنى طول الفصل شيء مضموم إلى الفوات وقيد فيه (وإنما هو سبب الفوات) والمراد إذا فاتت لطول الفصل.

وقوله: (لا يقضي) معلم بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة يجب على القارئ المحدث والمستمع القضاء بعد الطهارة، وسلم أن الحائض إذا استمعت لا قضاء عليها، وأن المصلي إذا قرأ السجدة ولم يسجد حتى سلم لا يقضي.

وقوله: (لأنه لا يتقرب إلى الله تعالى بسجدة ابتداء) لعلك تقول: لم علل منع القضاء بأنه لا يتقرب بها إلى الله تعالى فاعلم أنه حكي عن صاحب "التقريب" أنه جعل ذلك ضابطاً لما لا يقضي جزماً، ولما يجري الخلاف في قضائه فقال: ما لا يجوز التطوع به ابتداء لا يجوز فرض قضائه كصلاة الخسوف والاستسقاء، وما يجوز التطوع به ابتداء كالنوافل والرواتب ففي قضائه خلاف، ثم إنه جوز التقرب إلى الله تعالى بسجدة ابتداء كما سبق فأجرى الخلاف في قضائها؛ لذلك إذا عرفت هذا فالمصنف بين أن هذه السجدات لا يتقرب بها إلى الله تعالى ابتداء، ورتب عليه المنع من القضاء


= سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به ولا ينوي الاقتداء به وله الرفع من السجود قبله، ولو أراد أن يقرأ آية أو آيتين فيهما سجدة ليسجد، فلم أر فيه كلاماً لأصحابنا. وفي كراهته خلاف للسلف أوضحته في كتابا "آداب القرآن" ومقتضى مذهبنا: أنه إن وإن في غير الوقت المنهي عن الصلاة فيه في غير الصلاة لم يكره، وإن كان في الصلاة أو في وقت كراهتها ففيه الوجهان، فيمن دخل المسجد في هذه الأوقات لا لغرض سوى صلاة التحية، والأصح: أنه يكره له الصلاة. هذا إذا لم يتعلق بالقراءة المذكورة غرض سوى السجود، فإن تعلق، فلا كراهة مطلقاً، قطعاً ولو قرأ آية سجدة في الصلاة فلم يسجد وَسَلَّمَ يستحب أن يسجد ما لم يطل الفصل، فإن طال ففيه الخلاف المتقدم، ولو سجد للتلاوة قبل بلوغ السجدة ولو بحرف، لم يصح سجوده. ولو قرأ بعد السجد آيات، ثم سجد، جاز ما لم يطل الفصل. ولو قرأ سجدة، فسجد فقرأ في سجوده سجدة أخرى لا يسجد. قال صاحب "البحر": إذا قرأ الإمام السجدة في صلاة سرية استحب تأخير السجود إلى فراغه من الصلاة، قال: وقد استحب أصحابنا للخطيب إذا قرأ سجدة أن يترك السجود لما فيه من النزول عن المنبر والصعود قال: ولو قرأ السجدة في صلاة الجنازة لم يسجد فيها. وهل يسجد بعد الفراغ؟ وجهان. أصحهما: لا يسجد. وأصلهما أن القراءة التي لا تشرع هل يسجد لتلاوتها؟ وجهان. الروضة (١/ ٤٢٥، ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>