فشفاه الله تعالَى لزمه التصدُّق علَيْه، فإن لم يقبل، لم يلزمْهُ شيْءٌ، هل لفلانٍ مطالبتُهُ بالتصدُّق بعد الشفاء؟ يُحْتَملُ أن يُقَال: نعم كما لو نذر إعتاق عبد معيَّن، إن شُفيَ، فَشُفِيَ، له المطالبة بالإِعتاق، وكما لو وجبت الزكاة، والمستحِقُّون في البلد محصُورُونَ، لهم المطالبة، ولا يخفَى خروجُ الوجوه الثلاْدة المذكورة في الكتاب فيما إذا قال: للهِ عليَّ أن أضحِّي بنيسابور في الخلاف الذي حَكَيْنَاه عن رواية الإِمام.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قال: لِلَّهِ عليَّ أن أضحِّيَ بِبَدَنَةٍ، أو أن أهْدِيَ بَدَنَةً، فالبحث فيه من وجْهين:
أحدهما: أن البدنة ما هي؟ وهل يقوم غيرها مَقَامَها؟ قال الإِمام: البدنةُ في اللُّغة الاِبل، ثم الشرع قد يقيم مقامها بقرةً، وأيضاً سبعاً من الغنم، قَال الشيخ أبو حامد وجماعة: اسم البدنة يقع على الإبل، والبقر، والغنم جميعاً، ولا يخلُو، إمَّا أن يُطْلَقَ التزام البدنة، أو يُقَيَّد بالإِبل لفْظاً أو نيَّةً، إن أطلق، فعليه بدَنَةٌ من الإِبل، أما على ما ذكره الإِمام فظاهر.
وأما عَلَى المأخذ الثاني، فلأنها أكمل، والاستعمال فيها أغلبُ، يتعيَّن الإبل، أو يقوم مقامها بقرةٌ، أو سبْعٌ من الغنم، يُنْظَرُ؛ إن وجدت الإِبل، فوجهان:
أظهرهما: وهو المنصوص: أنه لا معدل عنها لقضية اللفظ.
والثاني: أنه يتخيَّر بينها، وبين بقرةٍ، أو سبع من الغنم؛ حملاً على معهود الشرع، وهما كوجهين أو قولَيْن ذُكِرَا في أن هذه الخضال إذا أُفسِدَ الحجُّ بالجماع تُشْرَعُ على الترتيب، أو على التخيير، وإن لم توجد الإِبل، فيعدل إلى بقرة، فإن لم يوجد فإلَى سبع من الغنم، هذا هو الظاهر المنصوص، وفيه وجه؛ أنه لا عدول عنها؛ اتباعاً للفظ، وإلحاقاً لما نص الناذر عليه بما نص الشارع عليه في الزكوات، حتى امتنع إبدالها.