وكذلك لو قال: للهِ عليَّ أن أتصدَّقَ بعَشَرَةِ دراهِمَ، لم يخرج عن النذر بصنف آخر من المال، وعلى هذا، فيكون في ذمته إلى أن يجد، وقد يُنْسَبُ هذا الوجه إلى القفَّال، قال القاضي الرويانيُّ: وهو القياس لكنه خالف نصَّ الشافعيِّ -رضي الله عنه- وإذا جمع بين الحالتين خرج مما ذكَرْنا ثلاثة أوجه؛ ثالثها، وهو الأظهر، الفرق بين أن تُوجَدَ الإبل، فلا يُعْدَلَ عنها، أو لا تُوجَدَ، فيعدل، هذا إذا أطلق البدنة أمَّا إذا قَيَّدَ؛ فقال: أضَحِّي ببَدَنَةٍ من الإِبل، أو نوى الإِبل، فلا يجزئه غيرها إذا وجدت بلا خلاف، وإن عدمت فوجهان:
أحدهما: أنه يصبر إلى أن يجدها, ولا يجزئُهُ غيرها للتعيين.
وأظهرهما: وهو المنصوص: أن البقرة تجزئه بالقيمة، فإن كانت قيمةُ البقرةِ دُونَ قيمة البَدَنَةِ من الإِبل، فعليه إخراج الفضل، وفرق بينه وبين ما إذا أطلق البدنة؛ بأن البدنة تقع على البقرة، فلا حاجة إلى اعتبار القيمة، فإن اللفظ عند الإِطلاق ينصرف إلَى معهود الشرع، وفي المعهود تقوم البقرة مقام البدنة من الإِبل بلا تقويم.
وإذا قَيَّدَ بالإِبل، وجبت، فعند الإعواز يلزمه أكثر الأمرين مما يقوم مقامها شرعاً أو من قيمتها، كما إذا أتْلَفَ الأضحية الَمعيَّنة، يلزمه أكثر الأمرَيْن من المِثْل أو القيمة، وحكى القَاضِي ابن كج وجْهاً: أنه لا يُعْتَبَرُ القيمةُ، كما في حالة الإِطلاق، والظاهر الأول، وكيف يخرج الفاضل؟ في الكافي للقاضي الرويانيُّ: أنه يشتري به بَقَرَةً أُخْرَى إن أمكن وإلا فيشتري به شِقْصاً، أو يتصدَّق به على المساكين فيه وجهان، والمذكور في تعليق الشيخ أبي حامدَ، أنه يتصدق به، وقال المتولِّي: يشارك إنساناً في بدنة أو بقرة أو يشتري به شاة، وإذا عدل إلَى الغنم في هذه الحالة، فتعتبر القيمة أيضاً ثم نقل الرويانيُّ في "جمع الجوامع"، أنه إذا لم يجد الإبل في حالة التقييد، يتخيَّر بين البقرة والغنم؛ لأنَّ الاعتبار بالقيمة.
والذي ذكره القاضي ابن كج والمتولِّي؛ أنه لا يعدل إلَى الغَنَمِ مع القُدْرة على البقرة؛ لأنها أقرب إلى الاِبل، ولو وجد ثلاث شياهٍ بقيمة البَدَنَةِ، فهل يجزئه حكى ابن كج وجْهَيْنِ، قال أبو الطيب بن سلمة: لا، بل عليه أن يتم السبْعَ من عنده، وقال أبو الحسين النَسْويُّ، وهو شيخ من أصحابنا، كان في أيام أبي إسحاق وابن خيران -رحمهم الله- يجزئه لوفائها بالقيمة، والأول أظهر.
واعلم أن اعتبار القيمة نَقَلَهُ الإمامُ وجهاً عن رواية صاحب "التقريب" نقل الشيء الغريب من غير تمييز بين أنْ يطلق التزام البدنة أو يقيد بالإِبل، ثم ضعَّفَهُ والمشهور في كتب أصحابنا ما بيَّنَّاه، وقد نصَّ الشافعيُّ -رضي الله عنه-؛ فقال في "المختصر": فإن كانت نيَّتُه على بدَنَةٍ من الإِبل، لم يُجْزِه من البقر والغنم إلا بقيمتها، وفي طريقة