للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقربهما: القبول، كما لو شَهِدَتِ المرْضِعَةُ عَلَى رضاعٍ محرم، ولم تذكر فِعْلَهَا.

ووجْهُ المَنْع: أنه قد يريد نَفْسَه، فلا بدّ من البيان؛ ليزول الالتباس، والوجهان يَتَفَرَّعان على أنَّه إذا قامت البَيِّنَة على حكومةِ حاكمٍ من الحكَّام، يُقْبَلُ ولا حاجة إلى التعيين، وهو المشهور، وأشار بعضهم إلى وجه آخر، فَعَلَى ذلك الوجْهِ لا تُقْبَلُ شهادة واحد منْهُمَا، ثم يجوز أن يُقَالَ الوجهان فيما إذا لم يَعْلَمِ القاضِي أنه يشْهَد على نفسه، أما إذا علمه، فلا فرق بين المطْلَق والمضاف.

ويجوز أن يعكس، ويقال: الوجهان فيما إذا علم أنه يشهد على حكم نفسه، أما إذا لم يعلم، فيُقْبَلُ لا محالة؛ لجواز أنه يريد حكم غيره، وعلى هذا الاحتمال، فلو شهد المعزول على أن حاكماً حكم به، وشهد الذي معه أن المعزول قد حكم به، وجب أن نقبل؛ لأنا لا نعتني على هذا التقدير إلا بأن نصحح الصيغة (١)، ولا يشهد على فعل نفسه، ولو أن المعزول شهد على أنه ملك فلان، أو على أن فلاناً أقر في مجلس حكمي بكذا، قُبِلَتْ شهادته؛ أنه لم يشهد على حكمه.

وقول القاضي في غير مَحَلِّ ولايته: حكمتُ لفلانٍ، بكذا، كقول المعزول، وأما قبل العزل؛ فإذا قال: حكَمْتُ بكذا؛ يُقْبَل، لقدرته على الإِنشاء في الحال، حتى لو قال على سبيل الحكم: نِسَاءُ هذه القَرْية طوالقُ من أزواجهن، يُقْبَل ولا حاجة إلى حجة (٢)


(١) قال النووي: الاحتمال الأول هو الصحيح.
(٢) قال في القوت ما ذكروه من قبول قوله في دوام ولايته حكمت بكذا بلا حجة ظاهر في القاضي الكامل المجتهد، وأما المقلد ففي قبوله منه وقفة إلا أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه ولا ريب عندهم في عدم قبوله من الجاهل والفاسق الذي ينفذ قضاؤه للضرورة، أما الفاسق فواضح، وأما الجاهل فقد يظن ما ليس بحكم ملزم حكماً وقد استخرت الله اتعالى وأفتيت فيمن سأل من قضاة العصر عن مستند قضائه فلم يذكر شيئاً أنه يلزمه بيان ذلك لأنه قد يظن ما ليس بمستند مستنداً كما هو كبير أو غالب وفيما ذكره القبول وإن منعنا القضاء بالعلم نظر إذ علة العلم من القبول موجودة هنا وقول الرافعي حتى لو قال على سبيل الحكم إلى آخره يشبه أن يكون محله في قرية قليل عدد أهلها، أما لو كانوا غير محصورين لسعة البلدة أو في مصر كدمشق وبغداد فلا للقطع ببطلان قوله ومجازفته، انتهى.
وقال في الخادم بعد ذكره كلام الرافعي ولا يخفى أن الكلام في القاضي الكامل، أما الفاسق والجاهل فالمتجه القطع بإيجاب البيان، وساق ما ذكره صاحب القوت وزاد فقال: هذا إذا لم يسأل فإن سأل المحكوم عليه عن السبب فجزم صاحب الحاوي وتبعه الروياني بأنه يلزمه بيانه إذا كان قد حكم بنكوله وعين الطالب لأنه يقدر على دفعه بالبينة باليد قالا: ولا يلزم إذا كان قد حكم بالإِقرار أو بالبينة بحق في الذمة وخرج من هذا تخصيص قول الأصحاب إن الحاكم لا يسأل عن مستنده أي سؤال اعتراض، أما سؤال من يطلب الدفع عن نفسه فيتعين على الحاكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>