للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجلس للنظر في أمرهم مناديًا ينادي يومًا، أو أكثر على حسب الحاجة، أَلاَ إنَّ القاضي ينظر في أمر المحبوسين يَوْمَ كذا، فمن له محبوسٌ، فليحْضُرْ، وليبعث إلى الحَبْس أمينًا من أمنائه، ليكتب اسم كل محبوس، وما حُبِسَ به، ومَنْ حُبِسَ له في رقْعَةٍ.

وفي "المجرَّد" للقاضي أبي الطيب أنه يبعث أمينَيْنِ، وهو أحوط، فإذا جلس اليوم الموعود، وحضر الناس، وُضِعَتْ تِلْكَ الرِّقَاعُ بيْنَ يدَيْه ويخرجه، وهكذا فيأْخُذُ واحدةً واحدةً وينظر في الاسم المثبت فيها، ويسأل عن خَصْمِهِ، فمن قال: أنا خَصْمُه، بعث معه ثقة إلى الحَبْس؛ ليأخُذَ بيده، ويخرجه هكذا، يحضر من المحبوسين بِقَدْر ما يعرف أن المجلس يحتمل النظر في أمرهم، وفي "أمالي" أبي الفرج: أنه يقرع بينهم للبداية، وإذا جمع المحبوس وخصمه عنده سأل المحبوس عن سبب حبسه، والجواب يُفْوَضُ على وجوه.

منها: أن يعترف بالحَبْس بالحَقِّ، فإذا كان ما حبس به مالاً، أُمِرَ بأدائه، فإن قال: أنا مُعْسِرٌ، فعلى ما ذكرنا في التفليس، ثم إذا لم يؤدِّ، ولم يَثْبُتِ الإِعسارُ، فيُرَدُّ إلى الحَبْس، وإن أدَّى، أو أثبت الإِعسار، نودي عليه، فلعلَّ له خصمًا آخر في مال أو غيره، فإن لم يحضر أحدٌ، خُلِّيَ، وإن كان ما حبس به حدًّا، أقسم عليه، وخُلِّيَ عَلَى ما ذكرنا.

ومنها: أن يقول: شهدتُّ على البينة، فحبسني القاضي؛ ليبحث عن حال الشهود، فللأصحاب -رحمهم الله- في جواز الحَبْس بهذا السبب اختلاف، يأتي من بعد، فإن قلنا: لا يُحْبَسُ به لم يرده إلى الحَبْس، وإن قُلْنَا: يُحْبَسُ ردّه، وبَحَثَ عن حال الشهود. ومنْهَا: أن يقول: حُبْستُ بخَمْرٍ، أو كلب أتلفته على ذمِّيٍّ، والقاضي لا يعتقد التغريم بذلك، فأصح القولين: أنه يمضيه. والثاني: يتوقَّف، ويسعى في اصطلاحهما على شيء.

ومنْها: أن يقول: حُبِسْتُ ظُلْمًا، فإن كان الخَصْمُ معه، فعلى الخَصْم الحُجَّة، والقول قَوْلُ المَحْبُوس مع يمينه، وإن ذَكَر خَصْمًا غائبًا، فطريقان:

أحدهما: القطع بأنَّه يُطْلَقُ؛ لأن الحبس عذابٌ، وانتظارُ الغائِبِ يطولُ.

وأظهرهما: أنه على وجهين، فإن قلنا: يُطْلَقُ فحسن أن يُؤْخَذَ منْه كفيل، وإن


= هناك أمر أهم من المحبوسين قدمه فمن ذلك المحاجير الجائعون الذين تحت نظره وما أشرف على الهلاك من الحيوانات في التركات وغيرها وما أشرف من الأوقات وأملاك محاجير على السقوط بحيث تعين الفوز في تداركه ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>