للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله فإن كان معه كتابٌ من غير شاهِدَيْنِ يتناول بإطلاقه ما إذا حصلت الاستفاضة، وفيها الوجهان المذكوران أولًا، وما إذا لم يحْصُل، وفيها الوجهان المنقولان عن "الوسيط".

قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّانِي: أنَّهُ كَمَا قُدِّمَ يُفَتِّشُ عَنِ المَحْبُوسِينَ فَيُطلِّقُ كُلَّ مَنْ حُبِسَ بِظُلْمٍ أَوْ فِي تَعْزِيرِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِالحَقِّ رُدَّ إِلَى الحَبْسِ، وَمَنْ قَالَ: أَنَا مَظْلُومٌ أُطْلِقَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَإنْ حَضَرَ خَصْمُهُ فَلْيَسْتَأنِفِ الخُصُومَةَ وَلْيُقِمِ الحُجَّةَ عَلَى أَنَّ القَاضِيَ المَصْرُوفَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالحَقِّ، وَإِنْ قَالَ المَحْبُوسُ: لاَ أَدْرِي لِمَ حُبِسْتُ نُودِيَ عَلَيْهِ فِي طَلَبِ خَصْمِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أُطْلِقَ، وَإِنْ ذَكَرَ خَصْمًا غائِبًا وَزَعَمَ أنَّهُ مَظْلُومٌ فَإطْلاقُهُ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا: لا يُطْلَقُ فَيُرَاقَبُ وَلا يُخَلَّى وَلا يُحْبَسُ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ خَصْمُهُ، وَيُكْتَبُ إِلَى خَصْمِهِ لِيُعَجِّلَ، فَإنْ لَمْ يُعَجِّلْ أُطْلِقَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أراد القاضي الخروجَ إلى بلد قضائه، ينبغي أن يسأل عن حال من فيه من العلماء والعدول، فإن لم يَتَيَسَّر، سأل في الطريق حتى يدخل على علْم بحالِ البلد، فإن لم يجدْ من يسأله سأل حين يدخل، ويُسَحَبُّ أن يدخل يوم الاثنين (١)؛ فإن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- دخل يوم الاثنين (٢)، وأن يكون عليه عمامة سوداء فإن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة يوم الفتح، وعليه عمامة سوداء، وأن ينزل في وسط البلد أو الناحية؛ كيلا يطول الطريق على بعْضهم.

وإذا دخل، فإن رأى أن يشتغل بقراءة كتاب العهد في الحال فعل، وإن رأى نزل في منزله، وأمر مناديًا ينادي يومًا أو أكثر، أو أقل على حسب كبر البلد وصغرها، أَلاَ إنَّ فلانًا قَدِمَ قاضيًا، وأنه يخرج يوم كذا لقراءة العهد، فمن أحب فليحضر، فإذا اجتمعوا، قرأ عليهم العهد، وإن كان معه شهود شَهِدُوا، ثم ينصرف إلى منزله.

ويستحضر الناس، فيسألهم عن الشهود، والمُزَكَّيْنَ سرًّا وعلانيةً، قال الأصحاب -رحمهم الله-: ويتسلَّم ديوان الحكم، وهو ما كان عند الحاكم قبله من المحاضر والسجلات وحجج الأيتام والأوقاف، وحجج الناس المودوعة في الديوان؛ لأنها كانت في يدِّ الأول بحكم الولاية، وقد انتقلت الولاية إليه، ثم إذا أراد النظر في الأمور، نظر أولاً في المحبوسين؛ لأن الحبس عذابٌ، فلينظر؛ هل يَسْتَحِقُّون أم لا (٣)؟ ويأمر قبل أن


(١) قال النووي: قال الأصحاب: فإن تعسر يوم الاثنين فالخميس، وإلا فالسبت.
(٢) رواه البخاري عن عائشة في حديث الهجرة، وهو طويل.
(٣) قال الشيخ البلقيني في تصحيحه محله إذا لم يكن هناك أمر أهم من النظر في المحبوسين فإن كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>