ويكتب على رأْسها اسم الخصمين، ويضعهما في خريطة أو قِمْطَرِ (١) وهو السَّقْط الذي يجمع فيه المحاضر والسِّجِلات، ويكون بين يديه إلى آخر المجْلِس، فإذا أراد أن يقوم ختمه بنفسه، أو ختمه أمين له بمرأى منه، وأمر بحمله إلى موضعه، ثم يدعو به في اليوم الثاني.
وينظر في الختم، يُفكه بنفسه، أو يفكه أمينه، وهو ينظر إلَيْه، ويضع فيه كتب اليوم الثاني؛ كما ذكَرْنا، وهكذا يفعل حتى يمضي أسبوعٌ فإن كثرت، جعلها في إضبارة، وكتب عليها خصوماتِ أسبوعِ كذا، من شهر كذا، من سنة كذا.
وسجلاته، وعزلها، وإن لم يكثر، تركها إلى أن يمضي شَهْرٌ ثم يعزلها، فإذا مضت سنةٌ جمعها، وكتب عليها سنة كذا، وذلك ليسهل الوقوف عليها عند الحاجة، وليجعلها في موضعٍ لا يصل إليه غيره، وإذا احتاج إلى شيء منها تولى الأخْذَ بنفسه، ونظر أولاً إلى ختمه وعلاماته.
وقوله في الكتاب "وحالةٍ يسرع إليه الغضب فيها"، لا ضرورة إليه بعد قوله:"في حال غضب وجوع" ولو اقتصر على قوله: "في حال غضبٍ وجوعٍ وحالةٍ يَدْهَشُ عن تمام الفكْر لحصل الغرض.
وقوله: "وما يَحْكُمُ به، فيكتب محضرًا ديوانيًا" سمي الكتاب المشتمل على الحكم محضرًا، والمشهور من اصطلاح الأصحاب أن السِّجِلِّ ما يشتمل على الحُكْمِ، والمَحْضَرَ الذي فيه ذكْرُ ما جرى من غير حُكْم على ما بَيَّنَّاه.
فَرْعٌ: ذكر القاضي أبو سعد الهَرَوِيُّ: أن أخذ الأجرة على السجل، يبنى على الخلاف في وجوبه، إذا طلب صاحب الحق. وقد أطلق في بعض المُسَوَّدَات القول بجواز استئجار القاضي؛ ليسَجِّل، وهو منطبقٌ على مَنعِ الوجوب الذي هو أظْهَر الوجهين، وكذلك استئجار المُفْتي ليكتب الفتوى.
آخر: قيل: الوجهان في أنه، هل يجوز أن يكون القاضي أُمِّيًّا؟ يمكن بناؤهما على الوجهين في أنه، هل يجب على القَاضِي كتابةُ المَحْضَر والسِّجِلِّ؟ وفي "الوسيط" ما يقرب من هذا لكن يشبه أن يكون هذا الخلافُ في أنَّ القَاضِيَ، هل يجب عليه تحْصِيلُ الكتاب؟ حجَّة للطالب، إما بنفسه أو بغيره، لا في مباشرته الكتابة بنفسه والله أعلم.
(١) القمطر بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء، الوعاء الذي تضاف فيه الكتب كذا قاله في الصحاح وفسره الرافعي بما ذكره المصنف والسفط بفتح السين والفاء واحد الأسفاط. قال في الخادم: تفسير الجوهري أعم من تفسير الرافعي.