للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب "ويحلفه القاضي" بالألف والزَّاي والواو؛ لأن أشْهَر الروايتَيْن عن أحمد أنه لا يحلفه، ويكتفي بالبينة.

وحكى القاضي ابن كج عن المزَنِيِّ مثله، وذكر الشيخ أبو عاصم أن أبا الحُسَيْنِ ابْنَ القطَّان روى عن أبِي الحُسَيْن الطرسوسي من أصحابنا أنَّ للشافعيِّ -رضي الله عنه- قولاً مثله، ولا يشترط التعرض في اليمين لصدق الشهود بخلاف اليمين مع الشاهد؛ لأن البينة هاهنا كاملة، وفيه وجه أنه يشترط.

الثانية: هذا التحليف واجبٌ أو مستحبٌّ؟ فيه وجهان، ويقال قولان:

أظهرهما: الوجوب.

والثاني: أنَّه يستحب لأرباب التدارك، إن كان هناك دافعٌ غير منحسم، والوجوب في الصبيِّ والمجنونِ والميِّتِ أَوْلَى لعَجْزِهم عن التدارك، لكن الخلاف مطَّرد، وكذلك حكاه أبو الحَسَنِ العبّادِيُّ وجماعة، وبنى على هذا الخلافِ ما لو أقام قَيِّمُ الطِّفْل البيِّنَةَ على قيم طفل، فإن قلْنا: يوجب التحليف، فينظر إلى أن يبلغ المدعي له، فيحلف، وإن قلنا: بالاستحباب، فيقضي بها (١) ونقل صاحب الكتاب القَطْع بالوجوب في


(١) استشكل الشيخ السبكي ما رجحه المصنف وقال لم يرَ للمسألة ذكر إلا في كلام القاضي الحسين فذكر فيها احتمالين وأطال وحاصل كلامه أن الحاكم يقضي بهذه البينة ولا يؤخر الحكم للبلوغ لأجل الحلف وسبقه الشيخ ابن عبد السلام في فتاويه لذلك فقال: إذا ثبت دين لطفل أو مجنون على تركة مستحقها كذلك أنه يؤخذ في الحال ولا يتوقف أخذه على بلوغه ويمينه إذ لا يجوز تأخير حق يجب على الفور لأمر محتمل قال ولا يشهد لذلك شيء من أصول الشرع، وقال الشيخ البلقيني ما جزم به تبعًا لأصله من الانتظار حتى يبلغ المدعي له فيحلف يمكن أن تلمح له لو كان بلوغه قريبًا دون الغيبة التي تقضي فيها على الغائب فأما لو كانت المدة طويلة ويؤدي الحال بالتأخير إلى الضياع فإن المعتمد أخذ المال ولا حاجة إلى الحيلولة لما فيها من عدم الفائدة لجواز أن يتلف المأخوذ فإن بقي الدين أضررنا بالمديون وإن لم يبق أضررنا بصاحب الدين فلم يبق إلا إسقاط الاستظهار للاحتياط في أخذ المال فإن يمين الاستظهار إنما شرعت للاحتياط والاحتياط أن يؤخذ لأنه قبل الأخذ بصدد الضياع وبحد الأخذ ثبت الحق والأصل عدم ما يقتضي إسقاطه، وقد ذكر المصنف في صورة الوكيل والصبي الذي ادعى له الولي على الحاضر وقال الحاضر أتلف على من حبس ما يدعيه إلى آخره ما يخالف هذا أو ذاك هو المعتمد فإن يمين الاستظهارة عبارة عن تحليفه على ما لو دعاه الحاضر لحلف عليه، انتهى. ومسألة الصبي ذكرها في المهمات وصورتها كما عبر به في الروضة وكذا لو ادعى ولي الصبي دينًا للصبي فقال المدعى عليه أنه أتلف عليه من جنس ما يدعيه قدر دينه لم ينفعه بل عليه إذا ما أثبته الولي فإذا بلغ الصبي حلفه فقال في المهمات إن الرافعي خالف أي دعوى قيم طفل على قيم طفل بأسطر.
قال في الخادم: وهذا عجيب لأنه في هذه الصورة ثبت الحق بالإِقرار فلا وجه للتأخير، وقوله في الدفع غير مقبول بخلافه في التي قبلها وهذا الرد فيه نظر لأن الحق في الأخيرة قد ثبت بالبينة =

<<  <  ج: ص:  >  >>