يدعيه؛ ليكتب القاضي به إِلى حاكمِ بلَدٍ الغائب، فأما إِذا كان للغائب مالٌ حاضرٌ، وأراد إِقامة البينة على دينه؛ ليوفيه القاضي، فإِن القاضي يسمع بينته، ويوفيه، سواءٌ قال: هو مقرٌّ أو جاحدٌ أو قال: لا أدري، أهو مقرٌّ أو جاحد؟ وهل على القاضي سماع الدعوى على الغائب أن ينصب مُسَخَّرًا يُنْكر على الغائب؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لتكون البينة على إِنْكَار منكر.
وأصحهما: عَلَى ما ذكره في "التهذيب" لا لأن الغائب قَدْ يكون مقرًّا، فيكون إِنكار المسخر كذبًا، وقضية هذا التوجيه ألا يجوز نصْبُ المسخَّر، لكن الذي ذكره أبو الحسن العبَّاديُّ وغيره أن القاضي مخيَّر إِن شاء نَصَب عنْه، وإن شاء لَمْ ينصب.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: كما يعتبر في الدَعْوَى على الغائب ما يعتبر في الدعوى على الحاضر وزيادة، وهي أن يحلف مع البينة، واعلم أنَّه لو ألحق التحليف برُكْنِ الدعوى، وأقام البينة بركْنِ المدَّعي، فقيل: يعتبر التحليفُ في الدعْوَى على الغائب، وللمدعي على الغائب لا بُدَّ له من البينة على عكسِ ما في الكتاب، لجاز، وليس في هذا ترتيبٌ محقَّقٌ، ثم في التحليف ثلاثُ مسائل:
إحداها: في وقت التحليف وكيفيته، فحلف القاضي المدَّعي على الغائب بعْد قيام البينة وتعديلها بأنه ما أبراه عن الدين الذي يَدَّعِيه، ولا عن شيء منْه ولا اعتاض وَلاَ استوفَى، ولا أحال عليه، ولا أحد من جهته، بل هو ثابتٌ في ذمَّة المدَّعَى عليه، يلزمه توفيته، ويجوز أن يقتصر، فيحلفه على ثبوت المال في ذمته، ووجوب التسليم وإنما يحلف مع البينة؛ لأن المدَّعَى عليه، لو كان حاضرًا، لكان له أن يدعي شيئًا من الجهات المذكورة، فيحلفه، فينبغي للقاضي أن يحتاط له، وكذلك يحلف مع البينة، إِذا كانت الدعوى عَلَى صَبِيٍّ أو مجنونٍ أَوْ مَيِّتٍ، ليس له وارثٌ خاصٌّ، وإِن كان، فيحْلِف بمثله الوارث.
= جمع له فتاوى أخرى ثم ساق الذي رآه ولم يكن فيه شيء من الذي نقله عن الرافعي ولعل النسخ مختلفة وما نقل عن القفال فقهه ظاهر جلي. قاله البكري.