للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيم الركْنُ القيمة، وذكر الصفات مستحبٌّ وأما الإِمام وصاحب الكتاب، فإنهما لَمَّا ذكرا على طريقتهما أنَّ في الكرباس ونحوه لا يرتبط الدعْوَى بالعين، قَالاَ: لا بدّ من ذكر القيمة، فإِنها التي ترتبط الدعوى والبينةُ والحُكْم بها، فيدعي كرباساً قيمته عشرةُ دراهمَ مثلاً، وكذلك في العبد، إِذا لم تسمع البينة على عينه، هذا ما أراد بقوله في الكتاب "فيتعلق الحكم بقيمته" ويجب ذكر القيمة، ولو بحث عن قولهما، بأن الدعوى والحكم والبينة ترتبط بالقيمة دون العَيْن، لولَّد البحثُ إشكالاً صعباً؛ لأنَّ العين، إنْ تلفت، فالمطالبةُ بالمثل أو القيمة دعْوَى الدَّيْن، وليس ذلك مما نَحْنُ فيه في شيء، وما دامت العَيْنُ باقيةً، فالمدَّعِي لا يَسْتَحِقُّ القيمةَ، فكيف يطلبها، وكيف يحكم القاضي بها، وإن كان المراد أنَّه يدعي قدر القيمة من المال في يده، ويحكم له بذلك من غير تعيْينٍ، فهذا شيء لا عَهْدَ به، دمِان كان المرادُ أنه يعتمد في طلب العين والحكم بها، ذكر القيمة دون الصفات والحلي، فهذا ذهاب إِلى أنَّه يسمع الدعوى بالعَيْن، ويحكم بها، لكن اعتماداً على القيمة دون الصفة، وذلك لا يلائم نظم الكتاب وسياقه، والله أعلم، وذكرنا بناءً على طريقتهما أوصاف السلم، لا يكتفي بها في الدعوى بحَالٍ؛ لأنَّ المقصود هاهنا التعيين فيراعي ما كان أفصح (١) إليه والمسلم فيه دَينُ فيحترز فيه عن الاستقصاء المُؤَدَّي إلى عِزَّةِ الوجود ثم يكتب القاضي إلى قاضي بلد المال بما جرى عنده من مُجَرَّد قيام البينة، أو مع الحكم إِنْ جَوَّزنا الحكم المبرم، فإن أظهر الخصم هناك عبداً آخر بالاسم والصفات المذكورة في يده أو في يد غيره، وقد صار القضاء مُبهماً وانقطعت الطُلْبَةُ في الحال كما سبق بيانه في المحكوم عليه وإن لم يأتِ بمدفع فإن كان الكتاب كتاب حكم على قولنا بتجويزه فيحلف المدَّعِي أن هذا المال هو الذي شهد به شهوده عند القاضي فلان ويسلم إليه كذلك ذكره ابن القاصِّ في "أدب القضاء" وإن كان كتاب سماع البينة فينتزع المكتوب إليه المال ويبعث به إلى بلد المكاتب ليشهد الشهود على عَينهِ وفي طريقه قولان أشهرهما وهو الذي أورده ابنُ الصبَّاغ وغيرهُ أنه يُسلمه إلى المدعي ويأخذ منه كفيلاً لَبَرَتِه وقأل أبو الحسن العبَّادي: يكفله قيمة المال فإن ذهب إلى القاضي الكاتب وشهد الشهود على عينه وَسُلِّم له كتب القاضي بذلك لِيَبْرَأَ الكفيل وإلا فعلى المدعي الرد ومُؤْنَتِهِ وتُختم العين عند تسليمها إليه بختم لازم حتى لو كان المُدَّعَى عبداً فتجعل في عنقه قَلاَدة ويختم عليها والمقصود من الختمِ ألا يبدل المأخوذ بما لا يستريب الشهود في أنه له وَأَخْذُ الكفيلِ خَتْمٌ والخَتْمُ ليس بختْمٍ كذلك حكى المتلقي عن أبي بكر الأرغِياني الإِمام وعلى هذا القول لو كانت المدعوة في جارية فقد أطلق في الإِبانة وجهين في أنه هل يَبعث المكتوب إليه بها إلى الكاتب ومنهم من


(١) في أ: أفضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>