والاختلاط؛ كالعقار والعبد والفَرَسِ المعروفين، وإما غيرها أما القسم الأول، فالقاضي يسمع البينة عليه، ويحكم ويكتب إِلى قاضي بلد ذلك المال، ليسلمه إِلى المدعي، ويعتمد في العقار عَلَى ذكر البقعة والسكة والحدود، وينبغي أن يتعرَّض لحدوده الأربعة، ولا يجوز الاقتصار عَلَى حدين أو ثلاثة كذلك ذكره ابنُ القاصِّ في أدب القاضي، ولا يجب التعرُّض للقيمة عَلَى أصح الوجهين؛ لحصول التمييز دونه.
وأما القسم الثاني كغير المعروف من العبيد والدوابِّ وغيرها، فهل تسمع البينة على عينها، وهي غائبة فيه قولان أحدهما: تسمع كما يسمع الخصم اعتماداً على الحِلْيَة والصفة؛ لأنه قد يحتاج إِلى إِثباته في الغيبة، فأشبه العقار.
والثاني المنع؛ لكثرة الاشتباه فيه والصفاتِ، والحلي تتشابه أيضاً، وبهذا قال أبو حنيفة والمزنيُّ -رحمهما الله- ورجح طائفةٌ من الأصحاب، منْهم أبو الفرج الزاز، والأول اختيار الكرابيسيِّ والإِصطخريِّ، ورجحه ابن القاصِّ، وأبو عليِّ الطبريُّ، وبه أجاب القَفَّال في "الفتاوى": وإذا قلنا به، فهل نحكم للمدعِي بما أقام البينةَ عليه؟ فيه قولان:
أحدهما: نعم، كما في العقار.
وأصحهما: المنع؛ لأنَّ الحكم مع الجهالة، وخَطَر الاشتباه بعيدٌ، وإذا ترك الترتيب حصلَتْ ثلاثة أقوال لا يسمع البينة علَيْها، ولا يحكم.
تسمع ويحكم.
تسمع ولا يحكم، هذه طريقةُ عامَّةِ الأَصْحابِ، وطردوها في جميع المنقولات التي لا تعرف، وقال الإِمام وصاحب الكتاب: ما لا يؤمن فيه الاشتباه والاختلاط ضربان:
أحدهما: ما لا يمكن تعريفه وتمييزه بالصِّفَات.
والثاني: كالرقيق والدواب ومَا لاَ يمكن لكثرة أمثاله كالكرباس، وجعلا الضرب الأول عَلَى الأقوال الثلاثة، وقَطَعَا في الكرباس ونَحْوِه؛ بأنه لا ترتبط الدعْوَى والحكم بالعين.
التفريع: إن قلْنَا تسمع البيِّنة، فينبغي أن يبالغ المدعي في الوصف بما يمكن من الاستقصاء والتعرض للثبات والشامات، وبم يضبط بعد ذكر الجنس والنوع؟ حكى القاضي أبو سعد الهرويُّ وغيره فيه قولَيْن:
أحدهما: أنه يتعرَّض للأوصاف التي يعسر ذكرها في السلم.
والثاني: أنه يتعرَّض للقيمة، ويستغني بها عن ذكر الصفات، قالوا: والصحيح أن الرُّكْن في تعريفِ ذواتِ الأمثال ذكرُ الصفات، وذكرُ القيمةِ مستحبٌّ، وفي تعريف ذوات