للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخرج أصلاً إلاَّ لضرورة فهي مخدَّرة، وأما التي لا تخرج إلاَّ نادراً لعزاءٍ أو زيارةٍ أو حمامٍ، هل هي مخدَّرةٌ؟ فيه وجهان:

أشبههما: ويحكى عن القاضي الحُسَيْن: نعم، ويكفي أنه لا تصير مبتذلة بكثرة الخروج للحاجَاتِ المتكرِّرة، كشراء الخبز والقطن وبيع الغزل ونحْوها، ومنْهم مَنْ لم يجعل الخروج إلى الحمام بالليل مبطلاً للتخدير.

وقوله في الكتاب "والمخدرة لا تحضر مجلس الحكم للتحليف" تخصيص التحليف بالذكْر كأنه لامتناع النيابة فيه، فأما ما عدا ذلك، فيقنع بالتوكيل فيه من المخدَّرة وغيرها.

وقوله "وقيل المخدرة هي التي لا تخرج أصلاً إِلاَّ لضرورة" هذا يَحْصُرُ التخديرَ فيه على هذا الوجه، وقوله بعده "وقيل: هي التي لا تخرج إِلَى العزاء والزياراتِ إلاَّ نادراً" لا يمكن حمله على الحصر؛ فإِنَّ التي يندر خروجُهَا إِذا كانت مخدَّرةً، فالتي لا تخرج أصلاً أولَى أَنْ تكونَ مخدَّرةً، وإِنما المقصود أنَّ التي يندر خروجها للعزاء والزيارات مخدَّرة أيضاً، ولو أكثرت الخروج لذلك، بَطَل التخدير كالمبتذلة بالخُرُوج للحاجات المتكرِّرة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: الرَّابعُ: لَيْسَ لِلقَاضِي أَنْ يُزوِّجَ امْرَأَةً خَارِجَةً عَنْ مَحَلِّ وِلاَيَتِهِ إلاَّ إِذَا دَخَلَتْ وِلاَيَتَهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَصرَّفَ فِي مَالٍ حَاضِرٍ لِيَتِيم غَائِبٍ عَنْ وِلاَيَتِه، لَكِنْ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الهَلاَكِ كَمَا يفْعَلُ فِي مَالِ كُلِّ غَائِبٍ فَهَل لَهُ نَصْبُ القَيِّمِ في ذَلِكَ المَالِ؟ فيهِ تَرَدُّدُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القاضي يزوج مَنْ لاَ وَلِيَّ لها في مَحَلِّ ولايته من البلديَّات والغربيات، ولا يزوج امرأة خارجةً عن محل ولايته، هاِن رضيت، ولا يكفي حضور الخاطب فإن الولاية عليها لا تتعلق بذلك الخَاطِبِ، بخلاف ما لو حكَم الحاضرُ على الغائب؛ لأن المدَّعِيَ حاضرٌ، والحكم يتعلَّق به، وبخلاف ما لو كان ليتيمٍ غائبٍ عن محلِّ ولايته مالٌ حاضرٌ، فإنه يتصرف فيه؛ لأنَّ الولاية عليه ترتبطُ بماله، ثم تصرفه في مال اليتيم الغائب يكون بالحفْظِ والتعهُّد، وإذا أشرف على الهلاك، أتَى بما يقتضيه الحال بشَرْط الغبطة اللائقة، وهذا سيله في مال كلِّ غائب أشرف على الهلاك، فلو كان حيواناً، وخيف عليه الهلاك يبيعه وإِن حصلت الصيانة بالإِجارة، اقتصر عليها، وهل له أن يتصرَّف في مال اليتيم الغائب للاستنماء، وأن ينصب قيِّماً كذلك؟ فيه وجهان:

عن القاضي الحُسَيْن: لا؛ أن نصب القيِّم يرتبط بالمالِ والمالكِ جميعاً، فلو جاز النصب لحضور المال، جاز لقاضي بلد اليتيم النصب لحضُورِ المالك، وحينئذٍ تتمانع تصرفاتهما، قال في "الوسيط": والأَوْلَى أن يلاحظ مكان اليتيم دون المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>