للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتكليف، والذكورة؛ لأنه ملتزمٌ؛ كالحاكم من حيثُ إن الحاكم ينْظُر في الحُجَّة، ويجتهد، ثم يلزم بالحكم والقاسم يجتهد مساحةً وتقديراً، ثم يلزم بالإِقراع، ويشترط أن يكونَ عالماً بالمساحة، والحساب، وحَكَى أبو الفرج الزاز وجهَيْنِ (١) في أنَّه، هل يشترط أن يحسن التقويم؛ لأن في أنواع القسمة ما يُحْتَاجُ إليه، ولا يُشْتَرَطُ في منصوب الشركاء العدالةُ والحريةُ، فإنه وكيل من جهتهم (٢)، كذلك أطلقوه، وينبغي أن يكون توكيلُ العَبْدِ في القِسْمة على الَخلاف في توكيله في البَيْع والشراء، ولو حكَّم الشركاءُ رجلاً يقسم بينهم، قال أصحابُنا العراقيون، هل هو على القولَيْن في التحكيم إن جوزناه فالذي حكموه كمنصوب القاضي، ومهما كان في سَهْم المصالح من بيت المال مالٌ يتفرَّع كمؤنة القاسمين، فعلى الإِمام أن ينصب بها في كل بلدٍ قاسماً، فإن لم يحصل الكفاية بواحدٍ، زاد بحسب الحاجة، وإن لم يكُنْ فيه مالٌ أو لم يتفرَّع لهذه الجهة، فقد ذكرنا في آدابِ اِلقاضِي أنه لا يعين حينئذٍ قساماً؛ لئلا يغالي في الأجرة، وأيضاً كيلا يغرَّه بعض الشركاء، فيحِيفَ، بل يدع الناس ليستأجروا من شاءوا، وإذا لم يكن في القسمة تقويم فيكفي قاسم واحد أم لا بُدَّ من اثنين؟ فيه قولان ووجِّهَا بأنَّ منصب القاسم منصب الحاكم أو منصب الشاهد، والأصحّ الأوَّلُ، ولم يُجِبِ المُعْظَم إلا به، وقطع به قاطعون، وإن كان فيها


=القسمة وهذا قضية كلام جماعة حيث جعلوه خليفة القاضي.
وقال الجرجاني في الشافي؛ يفارق منصوب الحاكم الحاكم في أربعة أشاء أن الحاكم يجب أن يكون مجتهداً في أحكام الشرع كلها ولا يلزم في حق القاسم أكثر من أن يكون مجتهداً فيما إليه من أحكام القسمة.
والثاني: أن يكون القاسم عارفاً بالحساب بخلاف الحاكم أي على الصحيح.
والثالث: أن الحاكم يكون واحداً وذكر التفصيل السابق عن العراقيين في القسام.
والرابع: أن للحاكم أخذ الرزق من بيت المال دون الأجرة لأن عمله مجهول كالإِمام، وللقاسم أخذ الرزق من بيت المال وأخذ الأجرة منه لأن عمله معلوم فجاز أخذ الأجرة عليه أيضاً كبناء القناطر والمساجد واعتبر الماوردي والبغوي وغيرهما أن يكون قليل الطمع نزه النفس حتى لا يرتشي فيما يلي ويخون. انتهى ما أردته من كلام الأذرعي.
(١) سكت المصنف عن الترجيح، قال في القوت: يقتضي سكوت المحرر والمنهاج وغيرهما عن ذكره بينهم أنه ليس بشرط وهو الأقرب إلى كلام الجمهور.
(٢) قال في القوت: هذا فيما إذا كانوا بأجمعهم مطلقي التصرف، أما لو كانوا منهم محجور عليه لصغر أو جنون أو سفه فقاسم عنه وليه أو وصيه أو قيمه حيث يجوز فلا بدّ في المنصوب أن يكون عدلاً بكل حال ورأيت في روضة الحكام إذا قسم الشركاء فليس للإِمام أن يعين قاسماً بغير رضا، فإن كان أحد الشركاء صبياً أو غائباً فتعين القاسم إلى الإِمام وكان مراده في صغيرة الصبي ونحوه ضمن وليه الثاني ويحتمل أن يجب على الوصي والقيم مراجعته لينصب قاسماً بخلاف الأب والجد ويؤيده قول الدارمي إذاكان في الشركاء صبي أو مجنون أو مولى عليه فقسموا من غير أمر الحاكم المولى فباطل وهذا إذا أراد بالولي الأب والجد خاصة. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>