للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحُّهما: التحريمُ، وبه قال ابنُ أبي هريرة وابنُ القاصِّ؛ لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَنْ لَعِبَ بالنَّرْدِ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ" (١) وروي "مَنْ لَعِب بالنَّرْدَشِيرِ، فكأنَّمَا غَمَسَ يَدْيِهِ في لَحْمِ خِنْزِيرٍ" (٢) وفرق بينه وبيْن الشِّطْرنج في شدَّة الكراهية على وجْه الأول، وفي التحريم على الثاني؛ بأن التعويل في النَّرْدِ عَلَى ما يُخْرِجُه الكعبان، فهو كالأزلام، وفي الشِّطْرنج يُبنَى الأمرُ علَى الْفِكْرِ والتأمُّلِ، وأنه ينفع في تدابير الحَرْب، وعلى الثاني، فقد حَكَى الإِمَامُ عن الشيخ أبي محمَّد: أَنه من الصَّغَائر، قال: والصحيحُ أنَّه من الكَبَائر.

فَرْعٌ: قال في "الأم" وأكره اللَّعِب بالحَزّة (٣)، والقرق، والكلام في تفسيرهما، ثم في الحُكْم أما التفسيرُ فالحَزّة: قطعةٌ من خشَبٍ يحفر فيها حفْرٌ في ثلاثة أسْطُر، ويُجْعل في الحفر حصَى صغارٌ يُلْعب بها، وقد يُسَمَّى الأربعةَ عَشَر.

والقرق: أن يُخَطَّ على الأَرْض مربعٌ يجعل في وسْطِه خطَّان، كالصَّليب، ويُجْعل علَى رؤوس الخط حصّى صغارٌ يلعب بها، والقرق فيما رأيتُ بخطِّ القاضي الرويانيِّ، بفتح القاف والراء، وبعْضُهم قيَّد "القِرْق" بكسر القاف وتسكين الراء، ولم أجدْها في كُتُب اللغة بهذا المعنَى، نعم، في الصِّحَاح (٤) أنَّ القَرْقِ، بكسر الراء: المكان المستوي، ومعلوم أنَّ الخطَّ لِلَّعِب غالباً يقع في المكان المستَوِي، فيمكن أن يكون ما نَحْنُ فيه مِنْ هذا، وأنْ يكون اللفْظُ كما كره، وأما الحُكْم ففي "الشامل": أن اللَّعِبَ بهما كاللعب بالنرد، وفي تعليق أبي حامد: أنه كالشِّطْرنج (٥)، ويمكن أن يُقَالَ: ما


(١) رواه مالك وأحمد أبو داود وابن ماجه والحاكم والدارقطني والبيهقي، من حديث أبي موسى الأشعري، ووهم من عزاه إلى تخريج مسلم.
(٢) رواه مسلم بلفظ: غمس، بدل: صبغ، وقال أحمد أخبرنا مكي بن إبراهيم نا الجعيد عن موسى ابن عبد الرحمن الخطمي، أنه سمع محمد بن كعب يسأل عبد الرحمن أخبرني ما سمعت أباك؟ فقال: سمعت أبي يقول سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول: مثل الذي يلعب بالنرد، ثم يقوم فيصلي، مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير، ثم يقوم فيصلي.
(٣) الحزة بفتح الحاء المهملة وتشديد الزاي، فسرها المصنف تبعاً لأصله بأنها قطعة خشب يحفر فيها حفر في ثلاثة أشطر يجعل فيها حصى إلى آخر ما ذكره.
قال في الخادم: وتسمى المنقلة، وقول المصنف قال في الأم الشيخ رأي الإِمام وعبارة الرافعي قال في الأم: ويستفاد منها أنه رأى الأم من هذا الموضع وفيه رد على من يقول إن الرافعي لم يرَ الأم نعم الرافعي في مواضع من الشرح يقول وعن نص الأم فينقل ذلك النص عن غيره محتمل أنه لم يرَ الأم كاملة أو في ذلك المحل ما يراجع الأم واكتفى بالنقل عن غيره.
(٤) ينظر الصحاح ٤/ ١٥٤٧ (قرق).
(٥) قال في القوت: جعله كالنرد وهو ما في الحاوي والشامل والبيان ولفظ الحاوي والصحيح الذي ذهب إليه الأكثرون تحريم اللعب بالنرد وأنه الذي يفسق وترد الشهادة به وهكذا اللعب بالأربعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>