للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ركعتا (١) الطواف إذا لم توجبهما، وسيأتي ذكرهما في موضعهما.

إذا عرفت ذلك فأوكد ما لا تسن له الجماعة السنن الرواتب؛ لمداومة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليها، وكثرة الترغيبات فيها، وأفضل الرواتب الوتر وركعتا الفجر؛ لأن الأخبار فيهما أكثر، وأيهما أفضل فيه؟ قولان:

القديم: أن ركعتي الفجر أفضل، وبه قال أَحْمَدُ؛ لما روي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل [أَكْثَر] (٢) تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَي الْفَجْرِ" (٣).

وروي أنه قال: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا" (٤) وعلى هذا فيليهما في الفضيلة الوتر.

والجديد: الأصح أن الوتر آكد، وبه قال مالك؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا" (٥).

ولأن الوتر مختلف في وجوبه، ولا خلاف في أن ركعتي الفجر سُنَّة (٦) وعلى هذا فما الذي يلي الوتر في الفضيلة؟


(١) منه ركعتان عقب الوضوء ينوي بهما سنة الوضوء، ومنه سنة الجمعة قبلها أربع ركعات، وبعدها أربع كذا قاله ابن القاضي في "المفتاح" وآخرون ويحصل أيضاً بركعتين قبلها وركعتين بعدها والعمدة فيما بعدها حديث "صحيح مسلم" وإذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً "وفي الصحيحين" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعدها ركعتين وأما قبلها فالعمدة فيه، القياس على الظهر ويستأنس فيه بحديث "سنن ابن ماجة" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي قبلها أربعاً وإسناده ضعيف جداً، ومنه ركعتا الاستخارة ثبت في صحيح البخاري ومنه ركعتا صلاة الحاجة قاله النووي. الروضة (١/ ٤٣٥، ٤٣٦).
(٢) في أ (أشد) وكلاهما واحد.
(٣) أخرجه البخاري (١١٦٩) ومسلم (٧٢٤).
(٤) أخرجه مسلم (٧٢٥).
(٥) أخرجه أحمد (٥/ ٣٥٧) وأبو داود (١٤١٩) والحاكم (١/ ٣٠٥) وخالف ابن الجوزي فقال: لا يصح وهو مردود وله شواهد.
(٦) دعواه أنه لا خلاف في سنة الفجر ممنوع فقد ذهب الحسن البصري إلى وجوبهما لكن خلاف أبي حنيفة أقوى فرعيناه أولى وخلاف الحسن نقله في شرح المهذب عن حكاية القاضي عياض ولم يتعرض لتصوير محل الخلاف وتعرض له في الكفاية فقال: واعلم أن الأصحاب أطلقوا الخلاف ولم يثبتوا ما أرادوه في الوتر هل هو أقله أو أكمله أو أدنى كماله والذي يظهر من كلامهم أنهم أرادوا مقابلة الجنس بالجنس قال وكان يقع لي أنه يختص بأدنى الكمال لأنهم جعلوا عليه ترجيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>