للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن فلاناً قال؛ زوَّجت فلانةً من فلان، ويُقَالُ: إنَّه ورد على القفَّال من القاضي؛ ليزوج فلانة من (١) خاطبها من أحمد بن عبيد الله، وكان الخاطب من جيران القفَّال، فقال: إنما أعْرِفُكَ بأحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، لا بأحمَدَ بْنِ عبيد اللَّهِ، فلم يزوِّجْها منه.

وفي مثل هذه الصورةِ لَيْس للمكتوب إلَيْه أن يسمع الشهادة علَى أنه أحمد بن عبيد الله؛ لأن القاضي لم يفوِّض إليه سماع البينة، وإن كان يعرف المشهود عليه بعَيْنه دون اسمه ونسبه، ويشهد عليه حاضراً، لا غائباً ولا ميتاً، وإذا مات أُحْضِرَ ليشَاهِدَ صورته، ويَشْهَد على عينه، فإن دُفِنَ، فعن القاضي الحُسَيْن: أنه لا يُنْبَشُ، وقد تعذَّرت الشهادة، وهذا ما أورده في الكتاب، وما استُثْنِيَ عنْه في "الوسيط" ما إذا اشتدت الحاجة، ولم يطُلِ العهدُ بحَيْث بتغيَّر المنْظَر، وهذا ما أورده الإِمامُ علَى سبيل الاحتمال، وقال: الأظهُر ما ذكره القاضي.

ومن لا يعرف اسم المشهود عليه ونسبه، لم يكن له أن يُعْتَمَد قوله، أنه فلانُ بنُ فلانٍ، فيشهد على اسمه ونَسَبه، لكن لو تحمَّل الشهادة، وهو لا يَعْرِف اسْمَه ونسبه، ثم سمع الناسَ من بعد يقولون: إنَّه فلانُ بنُ فلان، واستفاض عنه ذلك، فله أن يشهد في غيبته علَى اسمه ونَسَبه، ويكون كما لو عَرَفَها عند التحمل (٢).

ولو قال عدلان عند التحمُّل أو بعده: هو فلانُ بن فلانٍ، قال الشيخ أبو حامد: له أن يعْتَمِد عليه، ويشهد على اسْمِه ونَسَبه، وهذا مبنيٌّ علَى أنه يجُوز الشَّهَادة على النسب بالسماع من عدلَيْن، وفيه خلافٌ سيأتي في "فصل التسامح" وكما أن المشهود عليه تارة تقع الشهادةُ علَى عينه، وأخرَى على اسمه ونسبه فكذلك المشْهُود له فتارة يُشْهَد على أنه أقرَّ لهذا، وتارةً علَى أنه أقر لفلانِ بْنِ فلان.

وكذلك عند غيبة المشهودِ له وإذا شهد الشاهدانِ علَى أنَّ لهذا علَى فلانِ بنِ فلانٍ


(١) سقط من: أ.
(٢) قال في الخادم: فيه أمران:
أحدهما: أن ما قطع به من منع الاعتماد على قوله في النسب ينبغي البينة له فقد غلب على شهود الزمان وبعض القضاة إذا حضرهم خصم لا يعرفونه قط أن يكتبوا أقر فلان بكذا أو باع أو اشترى يشهدون بالزور وهم لا يعلمون، فإن المنقول عن الشافعي في مثل هذه القضية إذا صدرت من الشاهد أنه إقرار بالعقد والنسب جميعاً.
الثاني: ما ذكره في التحمل عند الاستفاضة بالنسب موضعه إذا لم يحققه بعينه، فإن تردد فيه أو غلب على ظنه أنه هو لم يشهد كما هو قضية كلام القفال في فتاويه فقال: إلا أن يكون قد شهد ذلك الرجل بعد مدة مديدة وتسامع الناس يقولون إنه فلان بن فلان وهو عند ذلك ممن بينه بغيبته أنه الذي يحمل شهادته فحينئذٍ إذا عرف اسمه ونسبه يجرز له أن يشهد عليه بعد غيبته وموته.

<<  <  ج: ص:  >  >>