للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلاَ يَجُوزُ تَحمُّلُ الشَّهَادَةِ عَلى المَرْأَةِ المُتَنَقِّبَةِ إِلاَّ أن يُكْشَفَ وَجْهُهَا وَيُمَيِّزَهَا عِنْدَ الأَدَاءِ عَنْ أَمْثَالِهَا بِالإِشَارَةِ وَالمَعْرِفَةِ المُحَقَّقَةِ، وَإِنْ عَرَفَهَا رَجُلاَنِ فَلاَ يُشْهَدُ عَلَيْهَا بَلْ عَلى شَهَادتِهِمَا بِأَنَّ فُلاَنَةً أَقَرَّتْ وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبَتِهَا لِأَنَّهُ فَرْعُهُمَا، وَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهَا لِحَاجَةِ التَّحَمُّلِ، وَإِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا بِدَيْنٍ وَزَعَمَتْ أنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِالنَّسَبِ وَلاَ إِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهَا بنتُ زَيْدٍ إِذِ البَيِّنَةُ عَلَى النَّسَبِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى لاَ يُسْمَعُ عَلَى الصَّحيْحِ، وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَدَّعِي عَلَى بِنْتِ زَيْدٍ دَيْنَاً وَتنْكِرَ هِيَ أنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ فَيُقَامُ البَيِّنَةُ عَلَيْهَا بِالنَّسَبِ ثمَّ إِذَا ثَبَتَ سَجَّلَ وَيَجُوزُ هَذِهِ الحِيلةُ لِلْحَاجَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مَسْأَلَتَانِ:

إحداهما: المرأة المُتَنَقِّبَةُ؛ لا يجوز [تَحَمُّلُ] (١) الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا، اعْتِمَاداً على الصَّوْتِ؛ فإن الأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ، كما لا يجوز أن يتحمل الأَعْمَى، اعتماداً على الصوت. وكذا البَصِيرُ في الظُّلْمَةِ، ومن وَرَاءِ حائلٍ صَفِيقٍ، وفي الحَائِلِ الرَّقِيقِ، وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ في العِدَّةِ:

أَصَحُّهُمَا: أنه يجوز؛ لأنه لا يمنع المُشَاهدة؛ وإذا لم يَجُزِ التَّحَمُّلُ بالصوت، فإن عرفها مُتَنَقِّبَةً باسمها، ونَسَبِهَا، أو بِعَيْنِهَا، لا غير، جاز التَّحَمُّلُ، ويشهد عند الأَدَاءِ بما يعلم.

وإن لم يعرفها، فيكشف (٢) عن وجهها، ليراها الشَّاهِدُ، وبضبط حِلْيَتَهَا، وصُورَتَهَا، لِيَتَمَكَّنَ من الشَّهَادَةِ عليها عند الحاجة إلى الأَدَاءِ؛ ويُكْشَفُ وَجْهُهَا حينئذ أيضاً. ولا يجوز التَّحَمُّلُ، بتعريف عَدْلٍ أو عَدْلَيْنِ أنها فلانة بنت فلان، وإذا قَالَ عَدْلاَنِ: نَشْهَدُ أن: هذه فُلانَةُ بنت فلان تقر بكذا، فهما شَاهِدَا الأَصْل. والذي يسمع منهما شَاهِدٌ، فرع يشهد على شَهَادَتِهِمَا عند اجتماع (٣) الشَّرَائِطِ. ولو سَمِعَهُ من عَدْلٍ وَاحِدٍ فَيَشْهَدُ على شَهَادَتِهِ.

والشَّهَادَةُ على الشَّهَادَةِ، والحالة هذه، تكون على الاسْمِ، والنَّسَبِ، دون العَيْنِ. هذا ما ذكره أَكْبَرُ المُتَكَلِّمِينَ في المَسْألَةِ.

وَحَكَوْا عن القَفَّالِ: أنه كتب في صورة المَسْاَلَةِ شَهَادَتَهُ على شهادة المعرفين ثم


(١) سقط في أ.
(٢) في أ: فكشف.
(٣) في ز: إجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>