للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلَ إلى التَّسْجِيلِ بالاسْم، والنَّسَبِ، ما لم يثبتا. ولا يَكْفِي فيهما قَوْلُ المُدَّعِى، ولا إِقْرَارُ مَنْ قامت عليه البَيِّنَةُ؛ فإن نسبَ الشَّخص، لا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ. ولو قامت بَيِّنَةٌ على نَسَبِهِ، على سبيل الحِسْبَةِ، فيبنى على أن شَهَادَةَ الحِسْبَةِ في النَّسَبِ، هل يُقْبَلُ إن قَبِلْنَاهَا؟ أثبت القَاضِي النَّسَبَ، وسَجَّلَ. وإن لم يقبلها، وهو اختيار الَقَاضِي الحُسَيْنِ؛ فقد قال هاهنا: الطَّرِيقُ أن يُنَصِّبَ القَاضِي مَنْ يَدَّعِي على فلان ابن فلان دَيْناً، أو على فَاطِمَةَ بنت زَيْدٍ، أو يدعي (١) على زيد، ويقول: هذه ابْنَتُهُ، [وتَرِكَتُهُ عندها] (٢)، وينكر المُدَّعِي عليه فيقيم (٣) المدعي البَيِّنَةَ عليه.

قال: وتَجُوز هَذِهِ الحِيلَةُ لِلْحَاجَةِ، كما أَمَرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامل "خَيْبَرَ" بِبَيْعِ الجمع بالدراهم، وشراء الجنيب (٤) بها.

واعْتَرَضَ الإِمَامُ بأن الدَّعْوَى البَاطِلَةَ، كَلاَ دَعْوَى؛ فكيف تجوز بناء الشهادة عليها؟ وكيف يَأْمُرُ القاضي بها؟ وأَنَّى يشبه (٥) هذا، قِصَّةَ "خَيْبَرَ"، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، أمر بِبَيْعٍ، وشِرَاءٍ صَحِيحَيْنِ.

لكن الوجه: أن يُقال: وُكَلاَءُ المَجْلِسِ يتفطنون (٦) لمثل ذلك، وإذا نَصَبُوا مُدَّعِيَاً، لم يَتَفَحَّصِ القاضي، ولم يضيق، بل يُصْغِي إلى الدَّعْوَى والبَيِّنَةِ للحاجة، ولو أمر المُدَّعِي الذي ثَبَتَ له الحَقُّ بالبَيِّنَةِ، بأن ينقل الدَّعْوَى عن العَيْنِ، إلى الدَّعْوَى على بِنْتِ زَيْدٍ، فيقيم البَيِّنَةَ على النَّسَبِ، كان أقرب من نصب مُدَّعٍ جَدِيدٍ وأمره بدعوى باطلة.

وقوله في الكتاب: "لا يسمع على الصَّحِيح"، إشَارَةٌ إلى الخِلاَفِ الذي سَبَقَ في أن النَّسَبَ، هل يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الحِسْبَةِ؟ وترجيح المَنْعِ، غير مُسَاعد عليه، على ما بَيَّنَّا هناك، ويجوز أن يُعَلَّمَ قوله: "ولكن للقاضي أن ينصب" بالواو لاِعْتِرَاضِ الإِمَامِ.

وكذا قوله: "ويجوز هذه الحيلة، للحاجة". وقوله: "وتنكر هي، أنها بنت زيد"،


= وكذا إن كان الغرض الاعتماد عليها عند الحاجة إلى الإثبات والحكم تاماً ولا أحسب أحداً يقوله ولا شك أنه لا يقضى بما بعد الموت والدفن لحصول التقيد، وتنزيل إطلاقهن على الحالة الأولى يأباه كلامهم في أدب القضاء فإنهم جعلوا الحلية في المجهول كالاسم والنسب في المعروف لكن فيه نظر. والمقصود بالحلية التذكر خاصة، وبذلك صرح الماوردي والروياني في باب التحفظ في الشهادة فقالا: إن تحلية المشهود عليه إذا كان مجهولاً قال قوم: يجب لأنه يؤدي إلى المعروف قاله في الخادم.
(١) في ز: مدعي.
(٢) سقط في: أ.
(٣) في ز: مقيم.
(٤) تقدم في الربا.
(٥) في ز: شبهة.
(٦) في ز: يفطنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>