للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهان، وهما في الشَّهَادَةِ على أنه مَوْلَى فلان، أو أعتق، أو وقف أو أنها زَوْجَةُ فلان، لا على الإنشاءات (١). قال أبو إسْحَاقَ: لا تَجْوزُ الشَّهَادَةُ عليها بالتَّسَامُعِ؛ لأن أَنْسَابَهَا غير مُتَعَدِّدَةٍ، ومُشَاهَدَتُهَا مَقِيسَةٌ (٢).

وقال الإصْطَخْرِيُّ: يجوز؛ لأن هذه أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ، وإذا طَالتْ مُدَّتُهَا، عسِرَ إِقَامَةُ البَيِّنَةِ على ابْتِدَائِهَا، فَتَمَسُّ الحَاجَةُ إلى إثباتها بالتَّسَامُع، ولأنها شَهَادَةٌ على الحَاصِل بالعَقْدِ، فأشبهت الشَّهَادَةَ على المِلْكِ المُطْلَقِ.

وبهذا قال أَحْمَدُ، وابن القَاصِّ، وأبو عَلِيِّ بن أبي هُرَيْرَةَ، والطُّبَرَيُّ، وَرَجَّحَهَا ابن الصَّبَّاغِ، وبه أجاب القَاضِي ابن كَجٍّ، في الوَلاَءِ.

والأول هو الجَوَابُ في فَتَاوَى القَفَّالِ، والأَصَحُّ ما ذكره الإِمام، وأبو الحَسَنِ العَبَّادِيُّ، والقاضي الرُّوَيانِيُّ، في "جمع الجوامع" قال هؤلاء: لا يمكن الإِثْبَاتُ بالشَّهَادَةِ على شُهُودِ الأَصْلِ، واسْتَحَبُّوا للحاكم أن يجدد شُهُودَ كُتُبِ الوَقفِ، مهماَ خَافَ انْقِرَاضَ الأُصُولِ، وفَرَّقُوا بينها، وبين المِلْكِ، بأن أسْبَابَ المِلْكِ مُتَعَدِّدَةٌ، وتَعَدُّدُهَا يُورِثُ عُسْرَ الوُقُوفِ عليها، فلذلك جَوَّزنَا الإِعْتِمَادَ على التَّسَامُعِ، وأما هذه فَأَسْبَابُهَا مُتَّحِدَةٌ.

وذكر صاحب العدَّةِ أن هذا ظَاهِرُ المَذْهَبِ، لكن الفَتْوَى الجَوَاز؛ للحاجة (٣).


(١) في ز: الأنساب.
(٢) في ز: مقتبسة.
(٣) قال النووي: الجواز أقوى وأصح وهو المختار والله أعلم.
قال الشيخ البلقيني في تصحيح المنهاج محل الخلاف في الولاء يشتهر اشتهاراً شائعاً في الآفاق كنافع مولى ابن عمر وعكرمة مولى ابن عباس قال ومحل الخلاف أيضاً في الوقف الذي لم يشتهر اشتهاراً ببناء كأرض السواد، وقال أيضاً محله عندي فيما إذا أضيف إلى ما يصح الوقف عليه، فأما مطلق الوقف فلا يجوز لاحتمال أن يكون مالكه وقفه على نفسه، واستفاض أنه وقف، وهو وقف باطل، وهذا مما لا يتوقف فيه، وقال الشيخ المشار إليه في حاشيته على الروضة حكى المصنف تبعاً لأصله الخلاف في ثبوت الوقف بالاستفاضة ولم يتعرض لثبوت معرفة بالاستفاضة، وحكى عن أبي سعيد الأصطخري المنع والذي رأيته في الحاوي للماوردي ما يقتضي ثبوت المصرف أيضاً إذا أثبتنا الوقف بالاستفاضة، وحكى الاصطخري الثبوت خلاف ما نقله المصنف عنه قال ما معناه، وأما ثبوت عقد الوقف بالتسامع ومظاهر الجزية فلا يجوز؛ لأنه يمكن سماع لفظ الوقف من الوقف، وأما ثبوت كونه وقفاً مطلقاً والشهادة أن هذا وقفه إلى فلان أو وقف فلان على الفقراء والمساكين، ففي ثبوته وجهان:
أحدهما: لا، ثم قال.
والثاني: وبه قال الاصطخري يجوز لأنا لو لم نجوزه لأدى لاندراس الوقف وانقطاع سبله فاقتضى الحال تجويزه للضرورة. انتهى.
والذي صححه المصنف في الفتاوى أن الشروط لا تثبت بالاستفاضة، قال بل إن كان وقفاً على =

<<  <  ج: ص:  >  >>