للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّخْصِ الواحد، إذا سكن القَلْبُ إليه، ولا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الشهادة، كما لا يُعْتَبَرُ، لَفْظُ الشهادة.

وإذا قلنا بالوَجْهِ الثاني، فينبغي ألا تُعْتَبَرَ العَدَالَةُ، ولا الحُرِّيَّةُ، ولا الذُّكُورَةُ (١).

الثانية: إذا سَمِعَ رَجُلاً يقول لآخَرَ: هذا ابني، وصَدَّقَهُ الآخَرُ، أو: أنا ابن فُلاَن، [وصَدَّقَهُ فُلاَنٌ] (٢).

قال كَثِيرٌ من الأَصْحَابُ (٣): يَجُوزُ أن يَشْهَدَ به على النَّسَب، وكذا لو اسْتَلْحَقَ صَبِيّاً، أو بَالِغاً، وسَكَتَ؛ لأن السُّكُوتَ في النَّسَب كالإِقْرَارِ. ألا ترى أنه لو بُشِّرَ بولده (٤) فَسَكَتَ عليه لحقه؟ بخلاف ما إذا أَنّكَرَ المُسْتَلحَق، فَإنْ النَّسَبَ لا يَثْبُتُ حينئذ.

وفي "المهذب" وجه: أنه [لا] (٥) يَشْهَدُ عند السُّكُوتِ، إلا إذا تَكَرَّرَ عنده الإِقْرَارُ. والسكوت، والذي أَجَابَ به الإِمَامُ، وصاحب الكتاب: أنه لا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ على النَّسَبِ، بذلك، وإنما يَشْهَدُ الشَّاهِدُ والحَالَةُ هذه على الإقْرَارِ، والاسْتِلْحَاقِ. وهذا قِيَاس ظاهرٌ، وربما أَمْكَنَ تَنْزِيلُ إِيْرَادِ بعض النَّاقِلِينَ عليه، وبتقدير ألا يكون مَكَان النَّسَب، فارق سائر الأموال (٦) المقر بها سَعْيَاً في إثْبَاتِهِ، وقد وُجِّهَ بأن الوَقْفَ على تَوَافُقِ المُسْتلحق آكدُ في إشَارَةِ الظَّنِّ في السَّمَاعِ من غيرهما، ولا يَخْفَى أن قوله في الكتاب: "إلا أن يشهد على شهادتهما"، ليس باسْتِثنَاءٍ مُحَقّق. ويمكن أن يُعلمَ قوله: "ثم لا يحصل التسامع بقول عدلين". وقوله: "بل بجماعة" [بالحاء] (٧)؛ لأن عند أبي حَنِيْفَةَ تجوز الشَّهَادَةُ على المَوْتِ بقول عَدْلٍ واحِدٍ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَمَّا المِلْكُ فَإِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ اليَدُ وَالتَّصَرُّفُ وَالتَّسَامُعُ جَازَتِ الشَّهَادَةُ فَإِنَّهُ لاَ يُبْصِرُ وَهُوَ مُنْتَهَى الإِمْكَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُجَرَّدَ اليَدِ وَالتَّصَرُّفِ يَكْفِي دُونَ التَّسَامُعِ،


(١) ما أشار إليه من عدم اشتراط العدالة والحرية والذكورة واقتضى كلامه أنه لم يقف فيه على نقل، وفي المسألة وجهان حكاهما ابن عبدان في كتابه شرائط الأحكام لكنه قال: الصحيح من المذهب اشتراط العدالة والإسلام وصرح غيره من أصحابنا القدماء في كتبهم الأصولية بأنه لا يشترط ذلك في التواتر.
(٢) سقط في: أ.
(٣) ما نسبه لكثير من الأصحاب عزاه الإِمام للعراقيين، وقال: إنه في قياس الفقه خطأ صريح فإن قول الشخص الواحد من غير إشاعة في حكم الدعوى، ونحن إن كنا نثبت الولد بالدعوى فيستحيل أن يجوز اعتمادها كالشهادة على النسب مطلقاً. نعم يشهد على الدعوى ثم يقع على الحكم بموجبها قاله في الخادم.
(٤) في ز: بولد.
(٥) سقط في: ز.
(٦) في ز: الأمور.
(٧) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>