للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الشيخ أبي عَاصِم أن في ما دون عَشْرَةِ أيام وجهين: وإذا زَادَتِ المُدَّةُ على عَشْرَةِ أَيَّامٍ، جازت الشَّهَادَةُ. والقَوْل في عَدَدِ المُخْبِرِينَ هاهنا، وامْتِدَادِ المدة كما مَرَّ في النَّسبِ.

ونقل القاضي ابْنُ كَجٍّ وَجهَيْنِ في أنه: هل يُشْتَرطُ أن يَقَعَ فِي قَلْبِ السامع صِدْقُ المُخْبِرِينَ؟ ويُشْبِهُ أن يكون هذا عَيْنَ الخِلاَفِ المَذْكُورِ في أنه، هل يُعْتَبَرُ خَبَرُ عَدَدٍ يُؤْمَنُ منهم التَّوَاطُؤُ، وذَكَرَ أنه تجوز الشَّهَادَةُ على اليَدِ بالاسْتِفَاضَةِ.

وقد تَنَازَعَ فيه لإِمْكَانِ مُشَاهَدَةِ اليد. ولا يكفي أن يَقُولَ الشَّاهِدُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يقولون: أنه لفلان، وكذلك في النَّسَبِ.

وإن كانت الشَّهَادَةُ مَبْنِيَّةً عليه، بل يُشْتَرَطُ أن يقول: أشهد بأنه له، وبأنه ابنه، لأنه قد يَعْلَمُ خِلاَفَ ما سَمِعَهُ من الناس. لكن عن الشيخ أبي عَاصِمٍ: أنه لو شَهِدَ شَاهِدٌ بالمِلْكِ، والآخر بأنه في يَدِهِ من مُدَّةٍ طويلة، يَتَصَرَّفُ فيه بلا مُنَارعٍ، تَمَّتِ الشَّهَادَةُ. وهذا على ما ذكره الشَّارحُ لكلامه مصير منه إلى الاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ السَّبَبِ، والظاهر الأول (١).

ولا فَرْقَ في الشَّهَادَةِ على المِلْكِ بالتَّصَرُّفِ، والتَّسَامُعِ بين العَقَارِ، وبين العَبْدِ، والثوب (٢)، إذا كان يتميز المشهود به عن أمثاله.

الثاني: التَّصَرُّفُ المُعْتَبَرُ في الباب، وهو تَصَرُّفُ المُلاَّكِ من السُّكْنَى، والدُّخُولِ، والخروج، والهَدْمِ، والبِنَاءِ، والبَيْعِ، والفَسْخِ بعده، والرَّهْنِ، وفي مُجَرَّدِ الإِجَارَةِ وجهان:

وجه عدم الاكتفاء؛ أنها وَإن تَكَرَّرَتْ، فقد تَصْدُرُ ممن اسْتَأْجَرَ مُدَّةً طَوِيلَةً ومن (٣) الموصى له بالمَنْفَعَةِ، ولْيَجْرِ هذا الخلاف في مُجَرَّدِ الرَّهْنِ؛ لأن الرَّهْنَ قد يَصْدُرُ من المستعير، والأوفق لإطلاق (٤) الأصحاب الاكْتِفَاءُ بهما، واعْتِمَادُ أن الغالب صُدُورُ هذه التَّصَرُّفَاتِ من المَالِكِينَ، ولا يكفي التَّصَرُّفُ مُدَّةً وَاحِدَةً؛ فإنه لا يُثِيرُ الظَّنَّ (٥).


(١) قال في الخادم: إن ما ذكره أن كلام أبي عاصم يقتضي الاكتفاء بذكر السبب مطلقاً فيه نظر، فقد يقال إنه لم يكتف به إلا في شاهد واحد إلى أن تمت الشهادة فتركب منهما الجزم بأن المشهود به الملك؛ لأن الثاني شهد بمستند الأول فهما متعاضدان فلا يلزم من هذا مع كونه غير مسلم الاكتفاء بذكر السبب مطلقاً ونظيره لو شهد ثلاثة بالزنا ووصفوه، وشهد الرابع ولم يصفه فإنهم لا يُحدون على قول لمثل ما ذكرناه.
(٢) في أ: والدواب.
(٣) في ز: وفي.
(٤) في أ: لكلام.
(٥) قال في الخادم فيه أمران:
أحدهما: أن المكتفي بالإجارة يشترط فيها التكرار. حكاه في الذخائر ثم قال: ويحتمل أن يكتفي بها من غير تكرار كالبيع والهدم والبناء ونحوه، والحال التي اعتمد عليها الأول يتطرق مثله فيما ذكرناه من التصرفات فإنها قد صدرت من وكيل. انتهى =

<<  <  ج: ص:  >  >>